تطرّقنا
آنفاً لضرورة فصل السلطات وتوزيع الأعمال، ونضيف هنا بأنّ سرّ نجاح القائمين على
الشؤون التنفيذية إنّما يكمن في أمرين أساسيّين: 1- من الواضح أنّ كبار المسؤولين
لا يتمكّنون من القيام بكافّة مهامّهم، فيضطرّون لتفويض البعض منها لمساعديهم
ومستشاريهم، وبالطبع فإنّ هنالك المهامّ التي ينبغي لهم ممارستها مباشرة بأنفسهم،
ولكي يستطيع المسؤول من ممارسة إشرافه على سير مهامّ مساعديه، إلى جانب مباشرته
لبعض الأعمال، فإنّ عليه أن يفرّق بين الأعمال ذات الأولويّة عن تلك الثانوية غير
الضرورية- الأعمال التي يقوى مساعدوه على القيام بها فيقوم مباشرة بممارسة الأعمال
ذات الأولوية على نحو السرعة والدقّة، بينما يستعين بمساعديه في سائر الأعمال.
2-
ما إن يتمّ فرز الأعمال الضرورية من غيرها حتّى يعيّن لها أوقاتها، فلا يؤجّل عمل
اليوم إلى الغد: «ثُمَّ أُمُورٌ مِنْ أُمُورِكَ
لَابُدَّ لَكَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا: مِنْهَا إِجَابَةُ عُمَّالِكَ بِمَا يَعْيَا
عَنْهُ كُتَّابُكَ، وَمِنْهَا إِصْدَارُ حَاجَاتِ النَّاسِ يَوْمَ وُرُودِهَا
عَلَيْكَ بِمَا تَحْرَجُ بِهِ صُدُورُ أَعْوَانِكَ، وَأَمْضِ لِكُلِّ يَوْمٍ
عَمَلَهُ، فَإِنَّ لِكُلِّ يَوْمٍ مَا فِيهِ».