أجل،
إنّ مغزى هذا الكلام هو تعيين مصاديق أُولي الأمر، و لا نرى من حاجة إلى التعيين
من خلال سائر الأدلّة، و على هذا الضوء لا بدّ من القول بأنّ جميع الأخبار و
الروايات المتواترة التي صرّحت بأنّ أُولي الأمر هم الأئمّة الأطهار عليهم السلام،
لا تعتبر من قبيل الأدلّة التعبديّة التي تفرض علينا التعبّد بها دون الحاجة إلى
إقامة البراهين العقلية؛ و لا بدّ من القول أيضاً بأنّ الأئمّة الأطهار عليهم السلام
قد أشاروا لما من شأنه أن يفيده التأمّل و التمعّن في مفاد الآية الكريمة، و لم
يستندوا في ذلك إلى علمهم بالمغيبات لعدم وجود ضرورة تدعو إلى مثل ذلك. و بعبارة
أُخرى: فإنّ كون الأئمّة الأطهار مصداقاً لعنوان «اولي الأمر» إنّما هو تعيين
قهري لا تعيينهم هم أنفسهم، و إذا تتبّعنا الأخبار فهي ليست سوى إضافة و تصريح لما
أفادته الآية الكريمة، و لا يسعنا هنا إلّا أن نذكر بعض النماذج من الروايات التي
صرّحت بولاة الأمر، لعلّنا نتوقّف بصورة أعمق و أكثر جديّة على الحقائق، و إليك
ما ساقه الأئمّة الأطهار عليهم السلام بشأن هذه الآية و سائر الآيات المماثلة:
الحديث
الأوّل:
ابن
بابويه الصدوق قال: حدّثنا غير واحد من أصحابنا قالوا: حدّثنا محمّد ابن همام، عن
جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن أحمد ابن الحارث
قال: حدّثني المفضّل بن عمر، عن يونس بن ظبيان، عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سمعت
جابر بن عبد اللّه الأنصاري يقول: لمّا أنزل اللَّه على نبيّه محمّد صلى الله
عليه و آله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا
الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ
قلت: يا رسول اللَّه عرفنا اللَّه و رسوله فمن أُولو الأمر الذين قرن اللَّه
طاعتهم بطاعتك؟ فقال عليه السلام: هم خُلفائي يا جابر و أئمّة المسلمين من بعدي،
أوّلهم علي بن أبي