و
الذي نريد أن نخلص إليه هو أنّ المعلّم الأوّل للإمام هو العليم المطلق، و ما ذلك
إلّا لإخلاصه و تسليمه و انقياده المطلق للحقّ، فيحظى بالعناية الإلهية و الفضل
الربّاني ليتغلّب على ما يعترضه في مسيرته من حوادث و أحداث.
المعلّم
الثاني:
المعلّم
الثاني للإمام هو رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فقد قلنا سابقاً بأنّ دعوة
إبراهيم و إسماعيل كانت لأجل ظهور صفوة صالحة في ذرّيّتهم تتربّى في مدرسة
الرسالة، و كانت نتيجة الدعوة أن تولّى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بشخصه
تعليم علي عليه السلام و تربيته منذ نعومة أظفاره.
و
قد صرّحت بذلك آيات سورة البقرة وَ إِذْ يَرْفَعُ
إِبْراهِيمُ[1]. و هو ما أشار إليه الإمام الصادق
عليه السلام استناداً إلى الآية، فقال: «لم يعلّم اللَّه محمّداً صلى الله عليه و
آله علماً إلّا و أمره أن يعلّمه علياً عليه السلام»
[2]. و بناءً على ما تقدّم فالنبي الأكرم صلى الله عليه و آله هو
المعلّم الثاني للإمام.
الإمام
الصادق عليه السلام و علم الإمام:
سأل
الحارث بن المغيرة الإمام الصادق عليه السلام عن مصدر علم الإمام، فأجاب عليه
السلام: «وراثة من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و من عليّ عليه السلام». فقال
الحارث: إنّا نتحدّث أنّه يقذف في قلوبكم و ينكت في آذانكم صلى الله عليه و آله،
قال عليه السلام: «أو ذاك» [3]. أي أنّ الإمام ملهم و تلميذ مدرسة النبي صلى الله عليه و آله و
الإمام علي عليه السلام، و قد مرّ [4] علينا قول الباقر عليه السلام أنّ الإمام يسمع الصوت و لا يرى و لا
يعاين الملك» [5].