لقد
تعرّضت الرواية السابقة إلى الفصول المميّزة للإمامة في الإسلام، كما أشارت إلى
علل اتّباع زعامتهم و إمرتهم و أنّ زعامتهم نور إلى يوم القيامة، فهم زعماء إلى
الأبد، و الامّة تستضيء بنور علمهم على الدوام، و الزعيم من يستطيع التغلّب على
المشاكل و الصعوبات و يبعث الأمل في قلوب أفراد الامّة. فمثل الذين ينكرون علم
الإمام التام كمثل خفافيش الليل التي لا تطيق رؤية الشمس، فليس للقلوب المدنّسة و
النفوس المريضة أن تدرك شأن الإمام، فمعرفة الإمام تتطلّب قلباً طاهراً، و لا يطهر
القلب إلّا بتسليمه و استسلامه لهذه الزعامة، و التسليم لهم لا يتمّ إلّا من خلال
الإقبال عليهم و الاستفادة من أفكارهم العظيمة و نهجهم القويم، الأمر الذي يبعث
على سعة الصدر و انشراح القلب، و هذا بدوره يميط عن الإنسان رذائل الأخلاق و يحلّ
عقد الحياة و يبعث الأمل في النفوس. و لا يرتجى من الزعيم سوى إيصال الأُمّة إلى
كمالها المنشود و إزالة المشاكل عن طريقها، و طالما كانت هذه الامور متوفّرة في
الأئمّة الأطهار عليهم السلام، فهم قادة الدين و أئمّة الخلق لا محالة. و بناءً
على هذا فإنّ الإمام الباقر عليه السلام و بذكره للعلل السابقة قد لفت الانتباه
إلى ضرورة زعامة آل محمّد صلى الله عليه و آله. و هو ذات الأمر الذي قاله الإمام
الصادق عليه السلام للمفضّل بن عمر: كان أمير المؤمنين عليه السلام باب اللَّه
الذي لا يؤتى إلّا منه، و سبيله الذي من سلك بغيره هلك، و كذلك يجري لأئمة الهدى
واحداً بعد واحد [1].
[1] الكافي 1: 196 باب أنّ الأئمّة عليهم السلام
هم أركان الأرض ح 1. هذه الرواية ضعيفة السند، غير أنّه هنالك عدّة روايات وردت
بهذا المضمون فهي مؤيدة لهذه الرواية.