و
لا تتيسّر مجابهة العدو دون توفير العدة و الاستعداد للمنازلة، و يتمثّل هذا
الاستعداد و التجهيز من خلال إعداد الجنود المضحّين و المسلّحين و تفعيل هذا
الاستعداد حيال العدو. الشرط الثالث: و يعدّ أساس الشروط، بل لا معنى للشرطين
المذكورين دونه، و يتمثّل بالقائد المقتدر و الآمر الكفوء الذي يقود القتال بكلّ
بسالة مستنداً إلى العلم و البصيرة و المعرفة التامّة بأساليب القتال، بغية تحقيق
النصر الخاطف على العدو بأقلّ التضحيات.
الآيات
الثلاث:
أمّا
الآيات الثلاث فقد وردت في سورة البقرة، و هي:- 1-
أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ
الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو
فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ[1]. فالآية تضمّنت ثلاثة أُمور مهمّة، و هي:
الأوّل: إنّ الفرار خشية من الموت لا يمنع من حلول الأجل. الثاني: إنّ الحياة و
الموت بيد اللَّه لا بيد أيّ أحد سواه. الثالث: إنّه لا ينبغي أن يضعف الإنسان
مخافة الموت؛ لأنّ الحياة و الموت بيد اللَّه، و ليس للفكر من دور إزاء التقدير، و
فضل اللَّه و إحسانه هو الفاعل في حياة الإنسان و موته، فان كان الموت إحساناً فلا
مناص منه و العكس صحيح. و عليه: ففي الآية الكريمة براعة استهلالية تهدف إلى إعداد
المسلمين للجهاد و القتال في سبيل اللَّه، و من هنا أردفت هذه الآية بقوله سبحانه: وَ قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ
سَمِيعٌ عَلِيمٌ[2].