و
قبل الخوض في كيفيّة التطهير، لا بدّ أوّلًا من بيان أنّ الماء، هل يكون قابلًا
للتطهير كسائر الجامدات المتنجّسة، أو يكون كالأعيان النجسة غير قابل للتطهير؟
فنقول:
لولا الدليل الشرعي على قابليّة الماء للتطهير و خروجه عن النجاسة إلى الطهارة،
لكان مقتضى ما هو المرتكز في أذهان العرف في باب التطهير عدم قابليّة الماء له؛ و
ذلك لأنّ الشيء القابل للتطهير هو ما كان باقياً بعد وصول الماء إلى جميع أجزائه
النجسة، كما هو المغروس في أذهان أهل العرف، فالثوب المتنجّس- مثلًا قابل للتطهير
بعد وصول الماء إلى الموضع النجس منه؛ لعدم انتفائه بعد وصول الماء اليه و بقاء
الحقيقة.
و
بالجملة: فمناط قابليّة الشيء للتطهير هو بقاؤه بحقيقته بعد التطهير، و إلّا فمثل
الدم أيضاً قابل بعد إلقائه في الماء و استهلاكه فيها، مع أنّه ليس كذلك؛ لعدم
بقائه على الحقيقة الدميّة، و المفروض كونها موضوعاً للحكم بالنجاسة.
و
بعد ملاحظة ذلك يظهر: أنّ الماء لا يكون قابلًا للتطهير؛ لعدم تحقّق مناط
القابليّة فيه؛ لأنّ تطهيره إنّما هو بوصول الماء إلى جميع أجزائه، و لا يكفي
مجرّد اتّصاله بالكُرّ و الجاري و أمثالهما- كما سيجيء
[1] و وصول الماء إلى