فإنّ المراد من نفي الاتّقاء فيهما ليس أنّه لا يأتي بهما
أصلًا؛ بحيث لو دار الأمر- مثلًا بين مدّ الرقبة و المسح على الخُفّين أو ترك متعة
الحجّ، لكان يختار الشقّ الأوّل، و لا يأتي بهما، فإنّه بعيد جدّاً، بل المراد عدم
الاكتفاء بهما في مقام امتثال الأمر بالصلاة المشروطة بالوضوء و الأمر بالحجّ.
و حينئذٍ فاستثناؤهما دليل على جواز الاكتفاء بالعمل
الصادر تقيّة في غيرهما، و هو المطلوب.
و منها: رواية مَسْعَدة بن صَدَقة عن أبي عبد اللَّه (عليه
السّلام) في حديث
أنّ المؤمن إذا أظهر الإيمان، ثمّ ظهر منه ما يدلّ على
نقضه، خرج ممّا وصف و أظهر، و كان له ناقضاً، إلّا أن يدّعي أنّه إنّما عمل ذلك
تقيّةً، و مع ذلك ينظر فيه، فإن كان ليس ممّا يمكن أن تكون التقيّة في مثله لم
يقبل منه ذلك؛ لأنّ للتقية مواضع، من أزالها عن مواضعها لم تستقم له، و تفسير ما
يتّقى، مثل أن يكون قوم سوء ظاهر حكمهم و فعلهم على غير حكم الحقّ و فعله، فكلّ
شيء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقيّة ممّا لا يؤدّي إلى الفساد في الدين فإنّه
جائز [2].
[1] الكافي 3: 32/
2، وسائل الشيعة 16: 216، كتاب الأمر و النهي، الباب 25، الحديث 5.
[2] الكافي 2: 168/
1، وسائل الشيعة 16: 216، كتاب الأمر و النهي، الباب 25، الحديث 6.