فيه: أنّ الغسل بهذا النحو أسهل من العكس، و ذلك لا يوجب
الانصراف، مع أنّ تعارف الغسل من أعلى الوجه غير ثابت.
الاستدلال بالروايات على لزوم الغسل من الأعلى إلى الأسفل
و أمّا الروايات فيستفاد من بعضها الإطلاق أيضاً؛ حيث إنّه
أُمر فيها بمجرّد غسل الوجه مع كونها في مقام البيان، فاللازم- حينئذٍ ملاحظة
الأخبار التي تُوهِّم دلالتها على ذلك، فنقول:
عمدتها: ما رواه في «قُرب الإسناد» عن أحمد بن محمّد، عن
ابن محبوب، عن أبي جرير الرقاشي، قال: قلت لأبي الحسن موسى (عليه السّلام): كيف
أتوضّأ للصلاة؟ فقال
لا تعمّق في الوضوء، و لا تلطم وجهك بالماء لطماً، و لكن
اغسله من أعلى وجهك إلى أسفله بالماء مسحاً، و كذلك فامسح الماء على ذراعيك و
رأسك و قدميك [1].
و أنت خبير: بأنّ الاستدلال بالرواية على ذلك ممنوع:
أمّا أوّلًا: فلضعف سندها؛ لأنّ أبا جرير الرقاشي مجهول.
و دعوى: انجبار ضعف السند بعمل المشهور و فتواهم على طبقها [2].
مدفوعة: بأنّ ذلك إنّما يُجدي فيما لو علم استناد المشهور
إليها، و أمّا مع احتمال استنادهم إلى أُمور أُخر- كالانصراف، أو قاعدة الشغل، أو
الأخبار البيانيّة التي ستجيء إن شاء اللَّه تعالى فلا مجال لدعوى الانجبار
بوجه.
[1] قرب الإسناد:
312/ 1215، وسائل الشيعة 1: 398، كتاب الطهارة، أبواب الوضوء، الباب 15، الحديث
22.