المطلب الخامس: في وجوب نيّة رفع الحدث أو الاستباحة
قال المحقّق (قدّس سرّه) في «الشرائع» «و هل تجب نيّة رفع الحدث، أو نيّة استباحة شيء ممّا
يشترط فيه الطهارة؟ و الأظهر أنّه لا تجب نيّة شيء منهما» [1].
أقول: الوجوه المتصوّرة في اعتبار نيّة الرفع أو الإباحة في
الوضوء ثلاثة:
الأوّل: أن يكون المراد أنّ الوضوء الذي يترتّب عليه الرفع
و الاستباحة، و يؤثّر في حصولهما، هو الوضوء المأتي به بنيّة الرفع أو الإباحة؛
بحيث يكون للقصد دَخْل في حصول الأثرين و ترتّب الأمرين، كالعناوين القصديّة التي
يكون القصد مقوّماً لتحقّقها.
و لكن لا يخفى أنّ هذا الوجه ممّا لا يعقل، فإنّه لو فرض
أنّ الأثر لا يترتّب على نفس الوضوء بمجرّده، بل لقصده أيضاً مدخليّة في حصوله و
ترتّبه، فكيف يمكن- حينئذٍ أن يتعلّق القصد بالوضوء المبيح أو الرافع، مع العلم
بعدم كونه بذاته مؤثّراً في حصول الإباحة و الرفع؟ فإنّه ليس المراد من القصد
مجرّد الإخطار بالبال؛ حتّى يقال: لا بأس بأن يتصوّر أثر لشيء مع العلم بعدم
ترتّبه عليه و عدم كونه أثراً له، بل المراد به هي الإرادة الواقعيّة الناشئة من
مبادي مخصوصة، و حينئذٍ فلا يعقل تعلّقها بشيء مقيّداً بكونه مؤثّراً في أثر يعلم
بعدم تأثيره فيه.
و كيف كان، فلا يعقل أن يتعلّق القصد بالوضوء المبيح أو
الرافع مع العلم بعدم كون الرفع أو الإباحة أثراً لذات الوضوء، بل للوضوء المقيّد
بهذا القصد، و هل يمكن أن يتعلّق قصد المرتعش بعدم الارتعاش مع علمه بعدم انفكاكه