صدق الإطاعة- بنظر العقل موقوف على أن يكون الداعي و
المحرّك للمكلّف نحو العمل، هو بعث المولى و أمره.
و بعبارة اخرى: يعتبر أن يكون الانبعاث متحقّقاً عن بعثه،
و في صورة التردّد و الشكّ- إمّا في نفس الأمر، و إمّا في المأمور به لا يكون
المحرّك هو بعث المولى:
أمّا فيما كان الشكّ في نفس البعث فواضح؛ ضرورة أنّ الداعي
له في هذه الصورة هو احتمال البعث لا نفسه.
و أمّا فيما كان الشكّ في متعلّقه، فلأنّ الداعيَ له إلى
إتيان هذا المحتمل بخصوصه، احتمالُ تعلّق الأمر به و كونه منطبقاً عليه عنوان
المأمور به، كما أنّ الداعي له إلى الإتيان بالمحتمل الآخر أيضاً هو احتمال انطباق
المأمور به عليه [1].
و يرد على هذا الاستدلال: أنّ الانبعاث لا يعقل أن يكون
مستنداً إلى نفس بعث المولى؛ بحيث يكون وجوده و تحقّقه في الواقع مؤثّراً في حصول
الانبعاث، و إلّا لزم أن لا ينفكّ عنه مع أنّه نرى بالوجدان عدم تحقّق الانبعاث
بالنسبة إلى العصاة، و كذلك يلزم أن لا يتحقّق الانبعاث بدونه، مع أنّه نرى
تحقّقه بالنسبة إلى الجاهل المركّب، فلا يدور الانبعاث مدار البعث وجوداً و عدماً.
التحقيق في المقام
و الحقّ: أنّ الانبعاث إنّما يكون مستنداً إلى العلم ببعث
المولى، و بما يترتّب على امتثاله من الفوائد و على مخالفته من المضارّ فهو موقوف
على وجوده العلمي.
لا أقول: إنّ العلم له مدخل في تحقّقه؛ بحيث لا يمكن أن
يتحقّق بدونه،