و ممّا ذكرنا ظهر: أنّه لا فرق بين الجزء الأوّل و الأخير
من حيث تعلّق الإرادة، غاية الأمر أنّه قد يغفل عن المراد و عن تعلّق الإرادة؛
بحيث ربما يتخيّل صدوره بلا إرادة، و لكنّه في الواقع ليس كذلك.
و كيف كان، فالمراد بالنيّة- المعتبرة في العبادات- هي
الإرادة المعتبرة في جميع الأفعال الاختياريّة، فما وقع في كلماتهم في هذا المقام-
ممّا يوهم خلاف ما ذكرنا أو ظاهر فيه، لا ينبغي أن يُعتنى به أصلًا.
كما أنّ توصيف الإرادة بالتفصيليّة و الإجماليّة [1] أيضاً كذلك، فإنّ الإرادة ليست على قسمين، غاية الأمر أنّه قد يغفل عنها و
عن المراد، و الظاهر أنّه المراد بالإرادة الإجمالية، فتأمّل.
المطلب الثالث: في تعيين المأمور به
و قبل الشروع في المقصود لا بدّ من تقديم مقدّمة:
و هي أنّه لا إشكال في أنّ الحاكم بالاستقلال- في باب
الإطاعة و العصيان هو العقل.
و قد يقال- كما عن بعض الأعلام و المحقّقين بأنّه يمكن أن
يتصرّف الشارع في مقام الإطاعة؛ نظراً إلى أنّ حكم العقل إنّما هو بلحاظ أمر
الشارع، فكيف لا يكون للشارع مدخل فيه؟! و استشهد لذلك بحكم الشارع ببطلان العبادة
في بعض مراتب الرياء، مع أنّ العقل لا يحكم فيه بالبطلان، و بحكمه بالصحّة في
موارد قاعدتي الفراغ و التجاوز، مع أنّ مقتضى حكم العقل البطلان و وجوب
[1] الطهارة، ضمن
تراث الشيخ الأعظم 2: 19، انظر مصباح الفقيه، الطهارة 2: 141.