من دون مدخليّة أيّ قيد؛ لما عرفت من أنّه يلزم أن يكون أخذ القيد
لغواً، منافياً لشأن المتكلّم الملتفت المختار.
فانقدح من جميع ذلك: أنّ المفهوم لا يصلح لأن يعارض المنطوق أصلًا،
فلا تعارض بين الأدلّة في المقام، بل الواجب الأخذ بإطلاق أدلّة الماء الجاري، و
الحكم بعموميّة الاعتصام و شموله للقليل منه أيضاً.
ثمّ إنّه لو قيل: بإفادة تعليق الحكم على شرط و نحوه، كونَ ذلك
الشرط علّةً وحيدة لترتّب الجزاء، و سبباً منحصراً لثبوت الحكم؛ بحيث ينتفي
بانتفائه ففي مثل المقام، يقع التعارض بين الأدلّة، و ليست لإحدى الطائفتين حكومة
على الأُخرى؛ لأنّ الحكومة معناها كون دليل الحاكم ناظراً إلى دليل المحكوم و
مفسِّراً له؛ بحسب الموضوع أو المحمول أو المراتب المتقدّمة أو المتأخّرة، كما
حقّقناه في محلّه [1].
و لا ريب في عدم تحقّق هذا المعنى هنا؛ و ذلك لأنّ مقتضى أدلّة
الجاري ثبوت حكمه بالنسبة إلى جميع مصاديقه، و مقتضى هذه الأدلّة انفعال الماء
غير البالغ حدّ الكرّ كذلك؛ أي بالإضافة إلى جميع أفراده، فلا محالة يقع التعارض
بينهما في خصوص مادّة الاجتماع و هي الماء القليل الجاري من دون أيّ تفسير و تعرّض
من أحدهما بالنسبة إلى الآخر.
كلام الشيخ الأعظم في المقام
و يظهر من الشيخ (قدّس سرّه)- في كتاب الطهارة أنّه بعد فرض كون
التعارض بينهما بالعموم و الخصوص من وجه، يكون الأولى تقييد إطلاقات الجاري؛ حيث
[1] الاستصحاب، الإمام الخميني (قدّس سرّه): 234 235.