و
أمّا السيرة: فإنّا نرى بالوجدان عدم تحرّز المتشرّعة عن الهرّة الآكلة للفأرة، و
لم يكونوا يتفحّصون عن تطهير فمها، بل ربما يُعدّ من كان سائلًا عن ذلك من
المجانين.
و
كذا نرى بالوجدان عدم تحرّزهم عن الحيوان المتولّد من امّه المتلوّث بدم الولادة
و لا يطهّرونه بعدها.
كما
أنّه لو عرض على دابّتهم جرح موجب لتلطّخ بعض أجزائه بالدم، لا يطهّرون ذلك
الموضع بعد حصول البُرْء، و غير ذلك من الموارد الكثيرة.
و
بالجملة: فالظاهر أنّ هذا الحكم لا يحتاج إلى تكلّف إقامة الدليل عليه؛ لكونه من
الأحكام الضروريّة التي لا يكاد يرتاب فيها من تتبّع تلك الأخبار، و راجع سيرة
المتشرّعة، خصوصاً أهل الحجاز الذين كان اختلاطهم مع الدوابّ أكثر من غيرهم.
حول
تنجّس الحيوان بملاقاة النجاسة
نعم
يقع الكلام بعد ذلك: في أنّ الحيوان هل يتنجّس بملاقاة النجاسة، غاية الأمر أنّ
زوال العين مطهّر له، أو أنّه لا يتنجّس أصلًا، بل المنجّس إنّما هي نفس عين
النجاسة ما دامت في بدنه، كالبواطن التي لا تتأثّر بالملاقاة؟ وجهان:
قد
يقال بالثاني [1] نظراً إلى قصور أدلّة النجاسات عن
الشمول لمثل النجاسة العارضة على الحيوان.