لا
يخفى أنّ العلم الإجمالي بالحرام المردّد بين أمرين أو أُمور، أو النجاسة المردّدة
كذلك، لا يؤثّر في صيرورة كلّ واحد من الطرفين أو الأطراف، هو الحرام الواقعي أو
النجس الواقعي؛ بحيث تصير الأطراف متغيّرة عن الحالة السابقة و متلوّنة بلون
الواقع، فيترتّب على كلّ واحد منها جميع الأحكام المترتّبة على الواقع، فلا يحكم
بنجاسة الملاقي لأحد المشتبهين؛ لأجل الملاقاة مع ما هو من أطراف العلم الإجمالي
بالنجاسة؛ لأنّ التنجيس إنّما هو من الأحكام و الآثار المترتّبة على النجس
الواقعي، لا من آثار ما يجب الاجتناب عنه و المعاملة معه معاملة النجس تحفّظاً على
الواقع، كما هو واضح.
نعم
قد يقال- كما قيل [1]
بتنجّس ملاقي أحد المشتبهين؛ إمّا لأنّ معنى الاجتناب عن الأعيان النجسة، إنّما هو
الاجتناب عنها و عمّا يلاقيها و لو بوسائط، و لذا استدلّ صاحب «الغُنية» [2] على تنجّس الماء القليل بملاقاة
النجاسة بقوله تعالى وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ[3]؛ بناءً على أنّ هَجْر النجاسات لا
يتحقّق إلّا بهجر ملاقيها.
و
إمّا للملازمة بين نجاسة الأعيان النجسة و ما يلاقيها كما يدلّ عليه رواية جابر
الجعفي عن أبي جعفر (عليه السّلام): أنّه أتاه رجل، فقال له: وقعت فأرة في خابية
فيها سَمْن أو زيت، فما ترى في أكله؟ فقال أبو جعفر (عليه السّلام)
لا
تأكله.
فقال
الرجل: الفأرة أهون عليّ من أن أترك طعامي لأجلها.
[1] منتهى المطلب 1: 30/ السطر 5، الطهارة، ضمن
تراث الشيخ الأعظم 1: 283.