ثمّ
إنّه يظهر من بعضهم إنكار الواجب المعلّق مدّعياً استحالة كون الإرادة موجودة قبل
المراد [1]
.
و أطال الكلام في النقض و الإبرام في هذا المقام بعض المحقّقين في تعليقته على
الكفاية.
و
خلاصة ما ذكره هناك: أنّ النفس مع وحدتها ذات منازل و
درجات، ففي مرتبة القوّة العاقلة مثلًا تدرك في الفعل فائدة عائدة إليها، و في
مرتبة القوّة الشوقية ينبعث لها شوق إلى ذلك الفعل، فإذا لم يجد مزاحماً و
مانعاً، يخرج ذلك الشوق من حدّ النقصان إلى حدّ الكمال الذي يعبّر عنه بالقصد و
الإرادة، فينبعث من هذا الشوق البالغ حدّ نصاب الباعثية هيجان في مرتبة القوّة
العاملة المنبثّة في العضلات، و من الواضح أنّ الشوق و إن أمكن تعلّقه بأمر
استقبالي إلّا أنّ الإرادة ليس نفس الشوق بأيّة مرتبة كان، بل الشوق البالغ حدّ
النصاب بحيث صارت القوّة الباعثة باعثةً للفعل، و حينئذٍ فلا يتخلّف عن انبعاث القوّة
العاملة و هيجانها لتحريك العضلات غير المنفكّ عن حركتها، و لذا قالوا: إنّ
الإرادة هو الجزء الأخير من العلّة التامّة لحركة العضلات [2]
.
فمن يقول بإمكان تعلّقها بأمر استقبالي إن أراد حصول الإرادة التي هي علّة تامّة
لحركة العضلات إلّا أنّ معلولها حصول الحركة في ظرف كذا، فهو عين انفكاك العلّة عن
المعلول.