بالإمكان المبحوث عنه في المقام هو الإمكان التشريعي؛ يعني
أنّ من التعبّد بالأمارات هل يلزم محذور في عالم التشريع من تفويت المصلحة و
الإلقاء في المفسدة و استلزامه الحكم بلا ملاك و اجتماع الحكمين المتنافيين و غير
ذلك من التوالي الفاسدة المتوهّمة في المقام، أو أنّه لا يلزم شيء من ذلك؟ و ليس
المراد من الإمكان هو الإمكان التكويني؛ بحيث يلزم من التعبّد بالظنّ أو الأصل
محذور في عالم التكوين، فإنّ الإمكان التكويني لا يتوهّم البحث عنه في المقام [1].
و فيه أوّلًا: أنّ
الإمكان التشريعي ليس قسماً مقابلًا للأقسام المتقدّمة، بل هو من أقسام الإمكان
الوقوعي الذي معناه عدم لزوم محال من وقوعه. غاية الأمر: أنّ المحذور الذي يلزم قد
يكون تكوينياً و قد يكون تشريعياً، و هذا لا يوجب تكثير الأقسام، و إلّا فيمكن
التقسيم بملاحظة أنّ الممكن قد يكون مادّياً و قد يكون غيره، و بملاحظة الجهات
الاخر.
و ثانياً: أنّ
أكثر المحذورات المتوهّمة في المقام محذور تكويني، لا يعقل تحقّقه في عالم
التكوين، كاجتماع الحبّ و البغض، و الإرادة و الكراهة، و المصلحة و المفسدة في
شيء واحد.
حول استدلال «ابن قبة» على عدم إمكان التعبّد
ثمّ إنّه استدلّ ابن قبة القائل باستحالة التعبّد بخبر
الواحد، بل بمطلق الأمارات، كما يظهر من بعض أدلّته بوجهين:
أحدهما:
أنّه لو جاز التعبّد بخبر الواحد في الإخبار عن النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم
لجاز التعبّد به في الإخبار عن اللَّه تعالى، و التالي باطل إجماعاً.