و توهّم:
أنّه لا مانع من اجتماع التكليف الفعلي مع الإذن في الارتكاب- بعد كون متعلّقهما
مختلفين- لأنّ متعلّق التحريم الفعلي المعلوم إنّما هو الخمر الواقعي، و متعلّق
الإذن هو الخمر المشكوك؛ أي مشكوك الخمرية، و من المعلوم أنّ بين العنوانين عموماً
من وجه. و قد حقّق في مبحث اجتماع الأمر و النهي القول بالجواز في تلك الصورة.
مدفوع:
بأنّ محلّ النزاع في تلك المسألة هو ما إذا كان تكليف متوجّهاً إلى طبيعة، و تكليف
آخر متوجّهاً إلى طبيعة اخرى بينهما إمكان التصادق في الخارج، من دون أن يكون في
أحدهما نظر إلى ثبوت الآخر، و هذا بخلاف المقام، فإنّ الترخيص في ارتكاب مشكوك
الخمرية إنّما هو بملاحظة ثبوت الحرمة للخمر الواقعي؛ ضرورة أنّه لو لم يكن الخمر
الواقعي متعلّقاً للتحريم لما كان وجه في ترخيص مشكوك الخمرية، و قد عرفت أنّ مع
ثبوت فعلية الحرمة لا يبقى مجال للترخيص أصلًا، و لا يجدي في ذلك اختلاف العنوانين
على هذا النحو.
المقام الثاني: في سقوط التكليف بالامتثال الإجمالي
و لا يخفى أنّ محلّ الكلام في هذا المقام إنّما هو في أنّ
مجرّد الترديد في ناحية الامتثال، و عدم العلم تفصيلًا بكون المأمور به الواقعي هل
هي صلاة الظهر أو الجمعة- مثلًا- هل يوجب تحقّق الامتثال عند العقل أم لا، و أمّا
لو فرض أنّ الامتثال الإجمالي يستلزم عدم تحقّق المأمور به بجميع أجزائه و شرائطه؛
لكونه مقيّداً بما لا ينطبق إلّا مع الامتثال التفصيلي فهو خارج عن مفروض البحث؛
لأنّ مورده- كما عرفت- هو صورة تحقّق المأمور به تامّاً؛ من حيث القيود، غاية
الأمر أنّه لا يعلم به تفصيلًا.