و فيه أوّلًا: أنّ
بعض الانقسامات اللاحقة ممّا لا يمكن تقييد الأدلّة به، و لا يمكن فيه نتيجة
التقييد مثل المقام، فإنّ أخذ القطع موضوعاً بالنسبة إلى نفس الحكم الذي تعلّق به
مستحيل بأيّ وجه كان.
و كيف يمكن أن يكون الحكم مختصّاً بالعالم به، مع كونه من
الدور الواضح؟ فإنّ العلم بالحكم يتوقّف على ثبوته بالضرورة، فلو فرض اختصاصه
بالعالم- و لو بنتيجة التقييد- يصير الحكم متوقّفاً على العلم به. و بالجملة فلا
يرتفع إشكال الدور بذلك.
نعم، يمكن تقييد الأدلّة ببعض الانقسامات اللاحقة بدليل
آخر، كقصد التقرّب في العبادات، بناءً على عدم إمكان التقييد اللحاظي، و لكنّك
عرفت في مبحث التعبّدي و التوصّلي إمكانه، فضلًا عن التقييد بدليل آخر.
و أمّا باب الجهر و الإخفات، و القصر و الإتمام فلا يكون من
باب الاختصاص، فإنّه يمكن أن يكون عدم وجوب القضاء و الإعادة من باب التخفيف و
التقبّل، لا من باب صحّة العمل و مطابقة المأتيّ به مع المأمور به، كما نفينا
البعد عنه في مثل حديث لا تعاد، بناءً على عدم اختصاصه بالسهو [1].
و ثانياً: أنّ
التقييد اللحاظي- الذي حكم بأنّه إذا امتنع امتنع الإطلاق؛ لأنّ التقابل بينهما
تقابل العدم و الملكة- هل هو مقابل للإطلاق اللحاظي، أو أنّه يقابل نفس الإطلاق،
من دون اتصافه بذلك.
فعلى الأوّل يرد عليه- مضافاً إلى أنّ معنى الإطلاق، كما
حقّقناه في موضعه هو عبارة عن مجرّد عدم لحاظ التقييد، و لا يحتاج إلى اللحاظ
أصلًا [2]-
[1]- الفقيه 1:
225/ 991، وسائل الشيعة 6: 91، كتاب الصلاة، أبواب قراءة القرآن، الباب 29، الحديث
5.