هذا، مضافاً إلى أنّ لزوم الدور- على تقدير تسليمه- لا يقدح
بالجمع العرفي لو تحقّق هنا.
و التحقيق أن يقال: إنّ العرف و العقلاء لا يرون التنافي بين المطلق و المقيّد في مثل المقام، و
لا يحملون الأوّل على الثاني أصلًا، بل يعملون بمقتضى ظاهر الدليلين من تعدّد
التكليف، كما فيما إذا ذكر السبب في كلّ منهما مع اختلافه.
تنبيه: لا فرق بين الأحكام الوضعيّة و التكليفيّة في حمل
المطلق
لا يخفى أنّ جميع ما ذكرنا في المقام يجري فيما إذا كان الدليلان
واردين لإفادة الحكم الوضعي من الجزئية و الشرطية و المانعيّة، فإنّ موارد حمل
المطلق على المقيّد فيها هي بعينها موارد الحمل في الأحكام التكليفية، كما هو
واضح، كما أنّ جميع ما ذكرنا في الأحكام التكليفيّة الوجوبية يجري في التكاليف
المستحبّة، و لكنّ بناءهم فيها على حمل الأمر بالمقيّد على تأكّد الاستحباب.
و لعلّ السرّ فيه هو: كون الغالب في هذا الباب هو تفاوت
الأفراد بحسب المراتب، و أمّا احتمال كون ذلك بملاحظة التسامح في أدلّة السنن- كما
في الكفاية- فمدفوع: بأنّ التسامح فيها إنّما هو بعد فرض تماميّة دلالة دليلها، و
لو قيل بالحمل على المقيّد لا يبقى هنا دلالة في الإطلاق أصلًا، كما لا يخفى.
و لنختم بذلك الكلام في مباحث الألفاظ و من اللَّه نستمدّ و
به الاعتصام و كان ختامه في اليوم الرابع عشر من شهر شعبان من شهور سنة 1373