ثمّ إنّه يظهر من المحقّق النائيني قدس سره القول بالترتّب،
و قد أطال الكلام في ذلك بإقامة مقدّمات كثيرة [1]، و
نحن نقتصر على ما يرد عليها، فنقول:
أمّا المقدّمة الاولى: الراجعة إلى إثبات أنّ ما أوقع المكلّف في مضيقة، الجمع
بين الضدّين و أوجبه عليه هل هو نفس الخطابين الفعليين أو إطلاقهما و شمولهما
لحالتي فعل الآخر و عدمه، فهي و إن كانت بنفسها صحيحةً إلّا أنّه لا يترتّب عليه
النتيجة، كما سيأتي، و يبقى فيها ما أورده على الشيخ من المناقضة بين ما اختاره في
هذا المقام من إنكار الترتّب غاية الإنكار [2] و بين ما ذكره الشيخ في مبحث التعادل و
الترجيح من الفرائد حيث قال في الجواب عمّا قيل من أنّ الأصل في المتعارضين عدم
حجّية أحدهما ما لفظه: لكن لمّا كان امتثال التكليف بالعمل بكلٍّ منهما- كسائر
التكاليف الشرعيّة و العرفيّة- مشروطاً بالقدرة، و المفروض أنّ كلًاّ منهما مقدور
في حال ترك الآخر، و غير مقدور مع إيجاد الآخر، فكلٌّ منهما مع ترك الآخر مقدور
يحرم تركه و يتعيّن فعله، و مع إيجاد الآخر يجوز تركه، و لا يعاقب عليه، فوجوب
الأخذ بأحدهما نتيجة أدلّة وجوب الامتثال، و العمل بكلٍّ منهما بعد تقييد وجوب
الامتثال بالقدرة، و هذا ممّا يحكم به بديهة العقل، كما في كلّ واجبين اجتمعا على المكلّف،
و لا مانع من تعيين كلٍّ منهما على المكلّف بمقتضى دليله إلّا تعيين