يكون على نحو السالبة المحصّلة، و معه لا يثبت اتّحاد
الرتبة أصلًا، كما لا يخفى.
و أمّا ما ذكره في المتضادّين: فكون التضادّ بين الوجودين في زمان واحد في محلّ واحد
مسلّم، و لكن لا يثبت بذلك اتّحاد رتبتهما، كيف و الحكم باتّحاد الرتبة و عدمه من
الأحكام العقلية المتوقّفة على إحراز ملاك التقدّم و صاحبيه، و مجرّد التقارن في
الخارج لا يقتضي اتّحاد رتبتهما بحسب العقل، كيف و المعلول مقارن لوجود العلّة في
الخارج مع اختلافهما بحسب الرتبة، كما هو واضح.
و بالجملة، فالتقدّم و التأخّر و التقارن بحسب الخارج لا
ربط لشيء منها بالرتب العقلية أصلًا.
ثمّ إنّه لو سلّم اتّحاد رتبة المتناقضين و المتضادّين فذلك
لا يستلزم اتّحاد رتبة نقيض الشيء مع الضدّ بقياس المساواة، فإنّه فيما إذا كان
الملاك في الثالث موجوداً، و قد عرفت أنّ حكم العقل باتّحاد الرتبة متوقّف على
إحراز ملاكه، ككونهما معلولين لعلّة واحدة مثلًا، أمّا مجرّد كون نقيض الشيء
متّحداً معه في الرتبة و هو مع ضدّه أيضاً كذلك، فلا يستلزم كون النقيض مع الضدّ
الآخر متّحداً في الرتبة مع عدم ملاك له، كما لا يخفى.
فانقدح من جميع ما ذكرنا أنّه لم يقم دليل تامّ على اتّحاد
رتبة الضدّ مع نقيض ضدّه الآخر، و لنا أن نقول: بقيام الدليل على العدم؛ لأنّ
العدم ليس بشيء حتّى يحكم عليه بحكم إيجابي، و هو اتّحاد رتبته مع الوجود، كما
أنّه ليس في رتبة متقدّمة و لا متأخّرة، لأنّ كلّ ذلك من الأحكام الايجابية
المبتنية على ثبوت الموضوع لقاعدة الفرعية المسلّمة عند العقل و العقلاء، فعدم
الضدّ لا يكون متأخّراً عن الضدّ و لا متقدّماً عليه و لا مقارناً معه.