و أخذه باليد و جعله محاذياً للفم و إلقائه فيه، و بعد
تحقّق جميع هذه المقدّمات يتوقّف على إعمال الآلات المعدّة لبلعه الذي عبارة عن
الشرب.
و بالجملة:
فجميع الأفعال الاختيارية إنّما يتوقّف بعد تعلّق الإرادة بها على بعض الامور
الجزئية التي يؤثّر في حصولها، فلا فرق بينها و بين الأفعال التوليدية أصلًا، فإنّ
الإرادة لا مدخلية لها في التأثير في حصول الفعل، كيف و هي من الامور التجرّدية
التي يمتنع أن تؤثّر في المادّيات بحيث كانت مفيضةً لها، كما لا يخفى.
ثمّ إنّه ذكر في الدّرر أنّ العناوين المحرّمة على ضربين:
أحدهما: أن
يكون العنوان بما هو مبغوضاً من دون تقييده بالاختيار.
ثانيهما: أن
يكون الفعل الصادر عن إرادة و اختيار مبغوضاً بحيث لو صدر من غير اختياره لم يكن
منافياً لغرض المولى، فعلى الأوّل علّة الحرام هي المقدّمات الخارجية من دون
مدخلية الإرادة، بل هي علّة لوجود علّة الحرام، و على الثاني تكون الإرادة من
أجزاء العلّة التامّة.
ثمّ ذكر أنّ المراجعة إلى الوجدان تقضي بتحقّق الملازمة بين
كراهة الشيء و كراهة العلّة التامّة له، و في القسم الثاني لمّا كانت العلّة
التامّة مركّبة من الأجزاء الخارجية و من الإرادة، و لا يصحّ استناد الترك إلّا
إلى عدم الإرادة؛ لأنّه أسبق رتبةً من سائر المقدّمات، فلا يتّصف الأجزاء
الخارجية بالحرمة أصلًا [1]. انتهى موضع الحاجة من ملخّص كلامه.
و أنت خبير:
بأنّه لو كان المبغوض عبارةً عن الفعل الصادر عن إرادة و اختيار، فالإرادة لها
مدخلية في نفس الحرام، لا أن تكون من أجزاء العلّة