وصيغة
النهي على الحرمة مثلًا، فالموضوع في هاتين المسألتين صيغة الأمر وصيغة النهي،
ولاريب في كون كلّ منهما أعمّ من موضوع علم الاصول، سواء جعلناه الأدلّة الأربعة
بما هي هي، أو بما هي أدلّة، أو الحجّة في الفقه، لأنّا لا نبحث عن خصوص صيغة
الأمر والنهي المستعملة في الكتاب والسنّة، بل عن الأعمّ منها، إذ لا مجال للتمسّك
باللغة [1] وبناء العقلاء [2] لإثبات دلالة الأمر على الوجوب والنهي
على الحرمة لو اختصّ البحث بالأوامر والنواهي القرآنيّة والروائيّة.
فعلم
منه أنّ صيغة الأمر والنهي المبحوث عنها في الاصول كما ترتبط بالكتاب والسنّة
ترتبط أيضاً باللغة وبناء العقلاء، وتعمّ الأمر والنهي الصادرين من الموالي
العرفيّة.
والأمر
في المباحث العقليّة أوضح، فإنّ البحث مثلًا عن الملازمة العقليّة بين وجوب
المقدّمة ووجوب ذيها مسألة عقليّة كلّيّة تعمّ الشرعيّات وغيرها.
فإذا
حكم العقل بالملازمة بينهما فنحن نستنتج من تلك المسألة الكلّيّة أنّ وجوب الصلاة
في الشريعة يستلزم وجوب الوضوء وسائر شرائطها.
والحاصل:
أنّ موضوع بعض العلوم نوع بالنسبة إلى موضوعات مسائلها، فحمل محمولات تلك المسائل
على موضوع العلم من قبيل العروض بواسطة الجزء الأعمّ، واختلف المشهور في كونها
أعراضاً ذاتيّة أو غريبة كما تقدّم.
وبالجملة:
لا يمكن الذهاب إلى مقالة المشهور في المقام، لاستلزامها اتّفاقهم على كون البحث
في مسائل العلوم بحثاً عن أعراضها الغريبة فيما إذا كان
[1] حيث نقول: صيغة افعل وضعت لإفادة الوجوب،
وصيغة لا تفعل لإفادة الحرمة. م ح- ى.
[2] حيث نقول: إذا قال المولى: «ادخل السوق» أو
«لا تدخل الدار» يفهم العقلاء الوجوب من الأوّل، والحرمة من الثاني. م ح- ى.