و
العقلاء، فإنّ العقلاء يعتبرون الملكيّة بالنسبة إلى المنافع المتضادّة و لا يرون
التضادّ بينها منافياً لاعتبارها، و لا مانع عندهم من تمليكها بأجمعها بحيث كان
التملّك قائماً مقام المالك في استفادة ما شاء منها من العين، و تضييق دائرة ملك
المنفعة بالتقييد يوجب اختصاص النقل و الانتقال الحاصلين بسبب الإجارة بجهة خاصّة،
و كون سائر الجهات باقية على ملك المالك، و قد عرفت في كلامه أنّ الملكيّة ليست
بمعنى السلطنة حتّى يستكشف من عدم الثانية عدم الاولى، كما صرّح به المحقّق الرشتي
قدس سره [1]، بل يمكن الانفكاك بينهما كما في
المستأجر الذي لا يملك إلّا ركوب نفسه، و على ما ذكرنا فلا وجه للاستشكال في ضمان
المنفعة التي استوفاها المستأجر في الصورة المفروضة، إنّما الإشكال في أنّه هل
يكون ضامناً له لجميع اجرة المثل مضافاً إلى الأُجرة المسمّاة، أو أنّه لا يكون
ضامناً إلّا التفاوت بينهما و زيادة اجرة المثل مضافاً إليها، و في الحقيقة يكون
ضامناً لُاجرة المثل فقط في صورة الزيادة؟ فيه وجهان بل قولان في نظير المسألة؛ من
أنّ مقتضى استقرار الأُجرة بالتسليم، و عدم توقّفه على الاستيفاء، و ثبوت ضمان
المنفعة المستوفاة لعدم كونها ملكاً للمستأجر على ما هو المفروض ثبوت أُجرتين، كما
لعلّه الظاهر من عبارة العروة في نظير المسألة
[2]، و من أنّ حكم المقام الذي يكون أحد الضمانين هو الضمان المعاوضي
الناشئ عن إذن المالك و إقدامه على المعاملة لا يزيد على حكم المغصوب الذي لا يكون
فيه إلّا ضمان اليد، فكما أنّ المضمون فيه هي أغلى المنافع و أعلاها لا جميعها فكذلك
في المقام، و لذا رجّح في المتن هذا الوجه و إن كان التصالح مقتضى الاحتياط، كما
أفاده الماتن دام ظلّه.