هَؤُلَاء لَم يَأتُوكُم مَكَّةَ إِلَّا وَ سَيَكُونُ لَهُمْ شَأنٌ، وَ مَا أَحسَبُ تَأوِيلَ رُؤيَا صَاحِبِكُم إِلَّا حَقّاً، فَخَلُّوا لَهُم بَلَدَكُم وَ أَجِيلُوا الرَّأيَ، وَ الأَمْرُ مُمْكِنٌ، فَيَقُولُ قَائِلُهُم: إِنْ كَانَ مِن يَأتِيهِم أَمثَالُهُم فَلَا خَوْفَ عَلَيكُم مِنهُم، فَإِنَّهُ لَا سِلَاحَ لِلْقَومِ وَ لَا كُرَاعَ وَ لَا حِصْنَ يَلْجَئُونَ إِلَيهِ، وَ هُم غُرُبَاءُ مُحتَوُّونَ، فَإِنْ أَتَى جَيشٌ لَهُم نَهَضْتُم إِلَى هَؤُلَاءِ أَوَّلًا، وَكَانُوا كَشَربَةِ الظَّمْآنِ، فَلَا يَزَالُونَ فِي هَذَا الكَلَامِ وَ نَحوِهِ حَتَّى يَحجُزَ اللَّيلُ بَينَ النَّاسِ، ثُمَّ يَضرِبُ اللهُ عَلَى آذَانِهِم وَ عُيُونِهِم بِالنَّومِ، فَلَا يَجتَمِعُونَ بَعدَ فَرَاقِهِم إِلَى أَن يَقُومَ القَائِمُ (ع)، وَ إِنَّ أَصحَابَ القَائِمِ (ع) يَلقِى بَعضُهُم بَعضاً كَأَنَّهُم بَنُو أَبٍ وَأُمٍّ، وَ إِن افتَرَقُوا عَشَاءً التَقَوا غُدْوَةً، وَ ذَلِكَ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً) [1]، قَالَ أَبُو بَصِيرٍ: قُلتُ: جُعِلتُ فِدَاكَ! لَيسَ عَلَى الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ مُؤمِنٌ غَيرُهُم؟! قَالَ: بَلَى، وَ لَكِنْ هَذِهِ (العِدَّةُ) الَّتِي يُخرِجُ اللهُ فِيهَا القَائِمِ (ع) هُمُ النُّجَبَاءُ وَ القُضَاةُ وَ الحُكَّامُ وَ الفُقَهَاءُ فِي الدِّينِ، يَمْسَحُ اللهُ بُطُونَهُم وَ ظُهُورَهُم فَلا يَشتَبِهُ عَلَيْهِم حُكمٌ [2].
لا .. للجائرين ومدحهم ومعاونتهم
رَوَى الشَّيخُ الصَّدُوقُ فِي كِتَابِ الفَقِيهِ حَدِيثَ الَمنَاهِي المَروِي مِن كِتَابِ عَلِيٍّ (ع) بِإسنَادِهِ عَن شُعَيبِ بنِ وَاقِدٍ، عَنِ الحُسَينِ بنِ زَيدٍ، عَنِ الصَّادِقِ جَعفَرِ ابنِ مُحَمَّدٍ (ع): ... وَ قَالَ (ع): مَنْ وَلِيَ جَائِراً عَلَى جَوْرٍ كَانَ قَرِينَ هَامَانَ فِي جَهَنَّمَ [3].
وأورده الطبرسي في مكارم الأخلاق [4]، والشيخ الحر العاملي في
[1]. البقرة: 128
[2]. دلائل الإمامة، ص 554، ح 526.
[3]. من لا يحضره الفقيه، ج 4، ص 11، باب ذكر جمل من مناهي النبي (ص)، ح 4968
[4]. مكارم الأخلاق، ص 428.