قد أصبح اليوم تاريخ كلّ علم موضوعاً مستقلاً وراء العلم حتّى غلا بعضهم في القول بأنّه ليس للعلم حقيقة سوى تاريخه ومراحله التي مرّ بها العلم عبر قرون، والفرق بين ذات العلم ودراسة تاريخه ومراحله يتجلّى في المثال التالي:
هناك من يبحث في علم الطب من منظار داخلي وتُثمر جهودُه في نفس ذلك العلم، وتتبعه اكتشافات في الداء والدواء، وهناك من يبحث في ذلك العلم من منظار خارجي و تنصب جهوده في تاريخه والمراحل الّتي مرّ بها العلم، وما أعقبه من نضوج وتكامل، وهذا ما نهدف إليه في هذا الفصل الذي هو خاتمة المطاف في هذا التقديم.
المرحلتان المتواكبتان
إنّ الشيعة الإماميّة منذ عصر الإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام) إلى عصر الشيخ المفيد كانوا على منهجين متقاربين لا متضادّين: