إنّ قول اللّه ـ هذا ـ مضافاً إلى كونه مشيراً إلى برهان النظم يمكن أن يكون تلويحاً إلى عوامل استقرار الحياة على الأرض، ومذكراً للعقول بأنّه لا يمكن أن تجتمع كلّ العوامل ـ مع ما فيها من المحاسبات الدقيقة ـ عن طريق الصدفة العمياء دون أن يتدخل في ذلك تدبير «مدبر عاقل حكيم» ودون أن يكون قد جمعها على هذا النسق المناسب لظاهرة الحياة ـ «إله خالق عارف بالأُمور، محيط بالمحاسبات والسنن».
كما يمكن أن يكون بعض الآيات الأُخر مشيراً إلى هذا البرهان(برهان النظم) مثل قوله تعالى: (اللّهُ الَّذي رَفَعَ السَّمواتِ بِغَيْرِ عَمَد تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلى العَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأجَل مُسمّىً يُدبِّرُ الأمْرَ يُفصِّلُ الآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُون).[2]
وثانياً: أنّ قوله: «إنّما يوقف عليها العلّية بالعادة لاقتران الشاهد بالاستناد إلى الظاهر» يرمي إلى نفي العلّية والمعلولية ولو بنحو الظلّية بين الأسباب والمسببات، وأنّ المشهود هو ظهور الحرارة مقترنة بوجود النار والبرودة مقترنة بوجود الماء دون أن يكون بين الأثر و ما هو المؤثر في الظاهر صلة وعلاقة. وهذا هو الذي يدّعيه الإمام الأشعري من نفي العلّية، وإنّ ما نسمّيه علّية هو جريان