إنّ الاختلاف في تفسير العدل ينشأ من الاختلاف في المسألة التالية، وكأنّها هي المصدر الوحيد، لنشوء أكثر المدارس الكلامية.
5. التحسين والتقبيح العقليان
إنّ القائلين بذاتيّة التحسين والتقبيح، يفسرونها بالقول: إنّ الفعل الصادر من الفاعل المختار، سواء أكان واجباً أم ممكناً، إذا نظر إليه العقل وتجرّد عن كلّ شيء يستقل إمّا بحسنه وانّه يجب أن يفعل، أو بقبحه وانّه يجب أن يترك، بغضّ النظر عمّا يترتّب عليه من المصالح والمفاسد، أو بغضّ النظر عن موافقته لغرض الفاعل أو مخالفته، فانّ كلّ هذه الضمائم ممّا لا حاجة إليها في قضاء العقل بالحسن والقبح، فكأنّ نفس الفعل علّة تامة ـ عند اللحاظ ـ لحكم العقل بالحسن أو القبح.
فإذا كان الشيء بذاته حسناً فهو حسن عند الكلّ يجب أن يفعل، وإذا كان الشيء قبيحاً فهو قبيح عند الكلّ يجب أن يترك، وبهذا يتميز ما يجب للّه تعالى، عمّا لا يجوز عليه ويترتّب على ذلك:
1. قبح التكليف بغير المقدور، وبالتالي امتناعه.
2. قبح تعذيب البريء وبالتالي امتناعه.
3. قبح تزويد المتنبّئ الكاذب بالمعجزة وبالتالي امتناعه.