قالوا: وماذا نجيبك يا رسول اللّه؟ لرسول اللّه المَنُّ والفضل.
قال:
«أما واللّه لو شِئْتُمْ قُلْتُمْ فَصدَقْتُم، أتيتَنا مكذَّباً فصدّقناك، ومخذولاً فنصرناكَ، وطريداً فآويناك، وعائلاً فآسيناك!وَجدتُم في أنفسِكُم يا معشرَ الأنصار في شيء من الدُّنيا، تألّفتُ به قوماً ليسلمُوا ووكَلتُكُمْ إلى إسلامكم، أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول اللّه إلى رحالكم؟
والذي نفسُ محمّد بيده لولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار، ولو سلك الناس شِعْباً وسلكتِ الأنصار شِعْباً لسلكتُ شِعْب الأنصار».
ثمّ ترحّم على الأنصار وعلى أبنائهم وعلى أبناء أبنائهم فقال:
«اللّهمّ ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار».
وقد كانت كلمات النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) هذه من القوة والعاطفة بحيث أثارت مشاعر الأنصار، فبكوا بعد سماعها بكاء شديداً حتّى اخضلّت لحاهُمْ بالدُّموع وقالوا: رَضينا يا رسول اللّه حظّاً وقسماً!!!
ثمّ انصرف رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) و تفرّقوا.[1]
نعم قد وقع في عصر الرسول خلاف بينه و بين بعض أصحابه لم يحسم في حياته بل بقى الخلاف إلى أن قبض رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإليك شيئاً من هذا القسم.
[1]السيرة النبوية:2/ 498 و 499; المغازي:3/957 و 958.