وأمّا الشرط الثاني: فلن نجد أيضاً موجوداً مجرّداً عن أيّ فقر وحاجة
وانتفاع سواه سبحانه، ووجه ذلك انّ الاِنسان، مجبول على حبّ الذّات،
فهو مهما جرّد نفسه من تبعات غرائزه لن يستطع التخلّص من هذه النزعة.
وممّا يدلّ على عدم صلاحية البشر نفسه لوضع قانون كامل، مانرى
من التبدّل الدائم في القوانين والنقض المستمرّ الذي يورد عليها بحيث
تحتاج في كلّ يوم إلى استثناء بعض التشريعات وزيادة أُخرى، إضافة إلى
تناقض القوانين المطروحة في العالم من قبل البشر، وما ذلك إلاّلقصورهم
عن معرفة الاِنسان حقيقة المعرفة وانتفاء سائر الشروط في واضعيها.
فإذا كان استقرار الحياة الاجتماعية للبشر متوقفاً على التقنين الاِلهي،
فواجب في حكمته تعالى إبلاغ تلك القوانين إليهم عبر واحد منهم يرسله
إليهم، والحامل لرسالة اللّه سبحانه هو النبيّ المنبىَ عنه والرسول المبلّغ
إلى الناس، فبعث الاَنبياء واجب في حكمته تعالى حفظاً للنظام المتوقف
على التقنين الكامل.