responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکية طبع الهيئه المصريه العامه للکتاب نویسنده : ابن العربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 59

[تتمة الخطبة]

(رسالة إلى الشيخ عبد العزيز المهدوى)
(37)هذه رسالة كتبت بها إلى بعض الفقراء-رضى اللّٰه عنه-.

أما بعد فإنه:

لما انتهى للكعبة الحسناء جسمى و حصل رتبة الأمناء
و سعى و طاف و ثم عند مقامها صلى و أثبته من العتقاء
من قال هذا الفعل فرض واجب ذاك المؤمل خاتم النباء
و رأى بها الملأ الكريم و آدما قلبى،فكان لهم من القرناء
و لادم ولدا تقيا طائعا ضخم الدسيعة أكرم الكرماء
و الكل بالبيت المكرم طائف و قد اختفى في الحلة السوداء
يرخي ذلاذل برده ليريك في ذاك التبختر نخوة الخيلاء
و أبى على الملإ الكريم مقدم يمشى بأضعف مشية الزمناء
و العبد بين يدي أبيه مطرق فعل الأديب و جبرئيل إزائى
يبدى المعالم و المناسك خدمة لأبى ليورثها إلى الأبناء
(38)فعجبت منهم كيف قال جميعهم
و بدا بنور لا يعاين غيره لكنهم فيه من الشهداء
أن كان والدنا محلا جامعا للأولياء معا و للأعداء
و رأى المويهة و النويرة جاءتا كرها بغير هوى و غير صفاء
فبنفس ما قامت به أضداده حكموا عليه بغلظة و بذاء
و أتى يقول:أنا المسبح و الذي ما زال يحمدكم صباح مساء
و أنا المقدس ذات نور جلالكم و أتوا في حق أبى بكل جفاء
لما رأوا جهة الشمال و لم يروا منه يمين القبضة البيضاء
و رأوا نفوسهم عبيدا خشعا و رأوه ربا طالب استيلاء
لحقيقة جمعت له أسماء من خص الحبيب بليلة الإسراء
و رأوا منازعة اللعين بجنده
علموا بان الحرب حتما واقع منه بغير تردد و إباء
فلذاك ما نطقوا بما نطقوا به فاعذرهم فهم من الصلحاء
فطروا على الخير الأعم جبلة لا يعرفون مواقع الشحناء
و متى رأيت أبى و هم في مجلس كان الامام و هم من الخدماء
و أعاد قولهم عليهم ربنا عدلا فأنزلهم إلى الأعداء
فحرابة الملا الكريم عقوبة لمقالهم في أول الآباء
أو ما ترى في يوم بدر حربهم و نبينا في نعمة و رخاء
بعريشه متملقا متضرعا لالهه في نصرة الضعفاء
(39)لما رأى هذي الحقائق كلها معصومة-قلبى-من الأهواء
نادى فاسمع كل طالب حكمة يطوى لها بشملة و جناء
طى الذي يرجو لقاء مراده
قل للذي تلقاه من هجرائى عنى مقالة أنصح النصحاء
و اعلم بانك خاسر في حيرة لما جهلت رسالتى و ندائى
إن الذي ما زلت أطلب شخصه ألفيته بالربوة الخضراء
البلدة الزهراء بلدة تونس الحضرة المزدانة الغراء
بمحله الأسنى المقدس تربه بحلوله ذى القبلة الزوراء
في عصبة مختصة مختارة من صفة النجباء و النقباء
يمشى بهم في نور علم هداية من هديه بالسنة البيضاء
و الذكر يتلى و المعارف تنجلي فيه من الإمساء للامساء
بدرا لأربعة و عشر لا يرى أبدا منور ليلة قمراء
و ابن المرابط فيه واحد شانه جلت حقائقه عن الإفشاء
و بنوه قد حفوا بعرش مكانه فهو الامام و هم من البدلاء
فكأنه و كأنهم في مجلس
(40)فلزمته حتى إذا حلت به أنثى لها نجل من الغرباء
حبر من الأحبار عاشق نفسه سر المجانة سيد الظرفاء
من عصبة النظار و الفقهاء لكنه فيهم من الفضلاء
وافى و عندي للتنقل نية في كل وقت من دجى و ضحاء
فتركته و رحلت عنه و عنده منى تغير غيرة الأدباء
و بدا يخاطبني بانك خنتنى في عترتي و صحابتي القدماء
و أخذت تائبنا الذي قامت به دارى و لم تخبر به سجرائى
و اللّٰه يعلم نيتى و طويتى في أمر تائبه و صدق وفائى
فانا على العهد القديم ملازم فوداده صاف من الأقذاء
(41)و متى وقفت على مفتش حكمة مستورة في الغضة الحوراء
متحير متشوف قلنا له:
نظر الوجود فكان تحت نعاله من مستواه إلى قرار الماء
ما فوقه من غاية يعنو لها إلا"هو"ف‌-"هو"مصرف الأشياء
لبس الرداء تنزها و إزاره لما أراد تكون الإنشاء
فإذا أراد تمتعا بوجوده من غير ما نظر إلى الرقباء
شال الرداء فلم يكن متكبرا و إزار تعظيم على القرناء
فبدا وجود لا تقيده لنا صفة و لا اسم من الأسماء
(41)إن قيل من هذا؟و من تعنى به؟ قلنا:المحقق آمر الأمراء
شمس الحقيقة قطبها و إمامها سر العباد و عالم العلماء
عبد تسود وجهه من همه نور البصائر خاتم الخلفاء
سهل الخلائق طيب عذب الجنى
يمضى المشيئة في البنين مقسما بين العبيد الصم و الأجراء
ما زال سائس أمة كانت به محفوظة الأنحاء و الأرجاء
شرى إذا نازعته في ملكه أرى إذا ما جئته لحباء
صلب و لكن لين لعفاته كالماء يجرى من صفا صماء
يغنى و يفقر من يشاء فامره محيى الولاة و مهلك الأعداء
(42)لا أنسى إذ قال الامام مقالة عنها تقاصر أفصح الخطباء
كنا بنا و رداء وصلى جامع لذواتنا فانا بحيث ردائى
فانظر إلى السر المكتم درة مجلوة في اللجة العمياء
حتى يحار الخلق في تكييفها عينا كحيرة عودة الإبداء
عجبا لها لم تخفها أصدافها الشمس تنفى حندس الظلماء
فإذا أتى بالسر عبد هكذا
(43)لما أتيت ببعض وصف جلاله إذ كان عيي واقفا بحذائى
قالوا:"لقد ألحقته بإلهنا في الذات و الأوصاف و الأسماء
فبأي معنى تعرف الحق الذي سواك خلقا في دجى الأحشاء"؟
-قلنا:صدقت و هل عرفت محققا من موجد الكون الأعم سوائى؟
فإذا مدحت فإنما أثنى على نفسى فنفسي عين ذات ثنائى
(44)و إذا أردت تعرفا بوجوده قسمت ما عندي على الغرماء
و عدمت من عينى فكان وجوده فظهوره وقف على إخفائى
جل الإله الحق أن يبدو لنا فردا و عينى ظاهر و بقائى
لو كان ذاك لكان فردا طالبا متحسسا متجسسا لثنائى
هذا محال فليصح وجوده في غيبتى عن عينه و فنائى
فمتى ظهرت إليكم أخفيته إخفاء عين الشمس في الأنواء
فالناظرون يرون نصب عيونهم
فتقول:قد بخلت على و إنها مشغولة بتحلل الأجزاء
لتجود بالمطر الغزير على الثرى من غير ما نصب و لا إعياء
و كذاك عند شروقها في نورها تمحو طوالع نجم كل سماء
فإذا مضت بعد الغروب بساعة ظهرت لعينك أنجم الجوزاء
هذا لمنتها و ذاك لحبها في ذاتها و تقول:حسن رآء
(45)فخفاؤه من أجلنا و ظهوره من أجله و الرمز في الأفياء
كخفائنا من أجله و ظهورنا من أجلنا فسناه عين ضيائى
ثم التفت بالعكس رمزا ثانيا جلت عوارفه عن الإحصاء
فكأننا سيان في أعياننا كصفا الزجاجة في صفا الصهباء
فالعلم يشهد مخلصين تالفا و العين تعطى واحدا للرائى
فالروح ملتذ بمبدع ذاته و بذاته من جانب الأكفاء
و الحس ملتذ برؤية ربه فان عن الإحساس بالنعماء

نام کتاب : الـفتوحات المکية طبع الهيئه المصريه العامه للکتاب نویسنده : ابن العربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 59
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست