ثم يتوجه إلى
منبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويصلى عنده ركعتين بحيث يكون عمود المنبر بحذاء منكبه
اليمين ؛ فإنه موقف رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ويقرأ فى الركعة الأولى الفاتحة وقل يا أيها الكافرون
، والثانية الفاتحة وقل هو الله أحد ، ثم يسجد شكرا لله تعالى على الوصول إلى تلك
البقعة الشريفة والبلوغ إلى تلك الروضة المنيفة ؛ على قول من يرى سجدة الشكر
معتبرة مشروعة كأبى يوسف ومحمد والشافعى ـ رضى الله عنهم ـ ويدعو بما أحب.
وإن كان يخاف
فوات المكتوبة يبدأ بها ؛ فإن تحية المسجد تحصل بها أيضا ، ويدعو بعدها.
ثم ينهض ويتوجه
إلى قبر النبى صلىاللهعليهوسلم ويقف عند رأسه ويدنو منه ويكون وقوفه بين القبر والمنبر
مستقبلا للقبلة ، ولا يضع يده على جدران الحظيرة ولا يقبلها ؛ فإن تلك ليست من سنن
الصحابة رضى الله عنهم ؛ بل يدنو على قدر ثلاثة أذرع أو أربعة أذرع ، ويصلى على
النبى صلىاللهعليهوسلم وعلى الصديق والفاروق على ما يأتى ، ثم يبعد عنها قدر
رمح أو أقل ؛ فإن ذلك أقرب إلى الحرمة. كذا عن الفقيه أبى الليث وعن أصحابنا أيضا.
ورأيت فى مناسك
أصحاب الشافعى ـ رضى الله عنهم ـ وغيره : أنه يقف على وجه يكون ظهره إلى القبلة
ووجهه إلى الحظيرة ، والصحيح ما ذكرنا ؛ لأنه جمع بين العبادتين مع استقبال القبلة
فى حالة واحدة.
فإذا وقف بحذاء
رأسه ـ عليهالسلام ـ على ما ذكرنا يقف بالحرمة ناظرا إلى الأرض غاض البصر
مطرق ، ويضع يمينه على شماله كما فى الصلاة ، ويمثل صورته الكريمة فى عينه أنه
موضوع فى اللحد ما زال كالنائم ، وأنه عالم بحضوره وقيامه وزيارته ، وأنه يسمع
كلامه وسلامه وصلاته ؛ لقوله صلىاللهعليهوسلم : «من صلى علىّ عند قبرى سمعته ، ومن صلّى نائيا بلغته»
؛ ولأنه أوفر تعظيما له فى قلبه ويقول :السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا
نبى الله ، السلام عليك يا حبيب الله ، السلام عليك يا أمين وحى الله ، السلام
عليك يا صفوة الله ، السلام عليك يا
نام کتاب : إثارة التّرغيب والتّشويق إلى المساجد الثّلاثة والبيت العتيق نویسنده : الخوارزمي، محمد بن إسحاق جلد : 1 صفحه : 336