نام کتاب : إثارة التّرغيب والتّشويق إلى المساجد الثّلاثة والبيت العتيق نویسنده : الخوارزمي، محمد بن إسحاق جلد : 1 صفحه : 316
الفصل الخامس
فى ذكر وصية النبى صلىاللهعليهوسلم وذكر وفاته
قال الفقيه أبو
الليث السمرقندى فى كتابه المسمى ب «تنبيه الغافلين» مسندا إلى علىّ بن أبى طالب ـ
رضى الله عنه ـ أنه قال : لما نزلت (إِذا جاءَ نَصْرُ
اللهِ وَالْفَتْحُ)[١] مرض النبى صلىاللهعليهوسلم ، فما لبث أن خرج إلى الناس يوم الخميس وقد شد رأسه
بعصابة ، فرقى المنبر وجلس عليه مصفارّ الوجه تدمع عيناه ، ثم دعا بلالا فأمر أن
ينادى الناس : أن اجتمعوا لوصية رسول الله ، فإنها آخر وصية لكم. فنادى بلال ،
فاجتمع الناس كبيرهم وصغيرهم وتركوا أبواب بيوتهم مفتوحة وأسواقهم على حالها ؛ حتى
خرجت العذارى من خدورهن ليسمعن وصية رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ حتى غص المسجد بأهله والنبى صلىاللهعليهوسلم يقول : «وسعوا لمن وراءكم». ثم قام النبى صلىاللهعليهوسلم يبكى ويسترجع ، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على الأنبياء
وعلى نفسه ، ثم قال : «أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم العربى الحرمى
المكى الذى لا نبى بعدى ، أيها الناس اعلموا أن نفسى قد نعيت إلىّ وجان فراقى من
الدنيا ، واشتقت إلى لقاء ربى ، فواحسرتاه على فراق أمتى ؛ ماذا يلقون بعدى. اللهم
سلم سلم.
أيها الناس
اسمعوا وصيتى وعوها ، وليبلغ الشاهد منكم الغائب ؛ فإنها آخر وصية لكم ، أيها
الناس قد بيّن الله فى محكم كتابه ما أحل لكم وما حرم عليكم ، وما تأتون وما تتقون
، فأحلّوا حلاله ، وحرّموا حرامه ، وآمنوا بمتشابهه ، واعملوا بمحكمه ، واعتبروا
بأمثاله».
ثم رفع رأسه
إلى السماء فقال : «ألا هل بلغت ، أيها الناس ، إياكم وهذه الأهواء الضالة المضلة
البعيدة من الله البعيدة من الجنة القريبة من النار ، وعليكم بالجماعة ،
والاستقامة عليها قريبة من الله قريبة من الجنة بعيدة من النار. ثم قال :«اللهم هل
بلغت».