نعم ، لقد اعتدّ الكوفيّون بأقوال
واشعار المتحضرين من العرب وأشعارهم ، قاطبة ، كما اعتدّوا بالأشعار والاقوال
الشاذّة التي سمعوها من الفصحاء العرب ، حتى قيل : (لو سمع الكوفيّون بيتا واحدا
فيه جواز مخالف للاصول ، لجعلوه أصلا ، وبوّبوا عليه). [١]
ومن هنا نلاحظ أنّ الكوفيين ادخلوا
قواعد فرعيّة متشعّبة على القواعد الكليّة العامّة.
هذا ، في حين كانت المدرسة البصريّة
تتحرّج في الأخذ عمّن قطن حواضر العراق من العرب ؛ لشدّة اختلاطهم بالأعاجم.
وقد ازدهرت المدرسة الكوفيّة ازدهارا
ملحوظا حتى أصبحت تنافس المدرسة البصريّة ، فكان الخلاف قائما على أشدّه بين روّاد
المدرستين حول كثير من ظواهر اللّغة العربيّة ، بحيث لا تجد مسألة من مسائل اللغة
العربيّة إلّا وفيها مذهبان : بصريّ ، وكوفيّ.
٣ ـ المدرسة
البغداديّة :
في نهاية القرن الثّالث الهجري بدأت
تلوح علامات تقارب المدرستين المتنافستين ، لتندمجا في مدرسة واحدة جديدة ، وهي
مدرسة بغداد ، وقد جاء ذلك الاندماج نتيجة لانتقال زعيمي المدرستين الى بغداد.
وهما : أبو العباس أحمد بن يحيى ؛ ثعلب (٢٠٠
ـ ٢٩١ ه) وهو زعيم علماء الكوفة ، ومحمد بن يزيد المبرّد (٢١٠ ـ ٢٨٥ ه) وهو زعيم
علماء البصرة ، وقد