يدعوني بذلك
إلى تتمة الغرض من علمي المعاني والبيان ، في تحصيل ما قد اعترض مطلوبا ، كما ترى
، فها نحن لدعوته مجيبين ، بإملاء ما يستمليه المقام في فنين ، يذكر في أحدهما ما
يتعلق بالنظم ، توخيا لتكميل علم الأدب ، وهو إتباع علم المنثور وعلم المنظوم ،
وتفصيلا لشبه يتمسك بها من جهته ، ثم يذكر في الثاني دفع المطاعن ، فاعلين ذلك ؛
تحقيقا لظن نظنه أنك منا طامع في أن نسوق إليك الكلام على هذا الوجه.
وإن أحببت سبب
الظن فأصخ : أليس متى جاء دافع وهي مفصلة عندك ، كان أجلب لثلج الصدر ، منك إذا
جاء وهي مجملة؟ وهل إذا فضل المتكلم العالم بمداخل الفلسفة ومخارجها على المتكلم
الجاهل بذلك ، فضل عليه بغير هذا؟.
لا أسيء بك
الظن ، فأعدك عن تحقق ذلك على ريبة ، فقل لي وقد ألفت أن أكون المتطلب لك من
المقامين أفضلهما ، وشبه الجهلة فيما نحن بصدده مختلفة فمن عائدة إلى علم الصرف ،
ومن عائدة إلى علم النحو ، ومن عائدة إلى علم المعاني والبيان ، ومرجع ذلك كله إلى
علم المنثور ، وقد ضمن اطلاعك كتابنا هذا على تفاصيل الكلام هناك. ومن عائدة إلى
علم المنظوم وهو علم الشعر ، ونحن إلى الآن ما قضضنا عن التعرض له الخيام ، أفلا
يورثنا ذا أن نظنك تنزع إلى المألوف ، وأنك بتلك الطماعية موصوف ، وهذا أوان أن
نسوق إليك الحديث [٢].