نام کتاب : مفتاح العلوم نویسنده : السّكّاكي جلد : 1 صفحه : 510
الحقيقة العقلية :
وأما الحقيقة
العقلية ، وتسمى حكمية أيضا ، وإثباتية ، فهي الكلام المفاد به ما عند المتكلم من
الحكم فيه ، كقولك : خ خ أنبت الله البقل ، وخ خ شفى الله المريض ، وخ خ كسا خدم
الخليفة الكعبة ، وخ خ هزم عسكر الأمير الجند ، وخ خ بنى عملة الوزير القصر. وإنما
قلت : خ خ ما عند المتكلم من الحكم فيه ، دون أن أقول : خ خ ما في العقل من الحكم
فيه ، ليتناول : كلام الدهري إذا قال : خ خ أنبت الربيع البقل ، رائيا إنبات البقل
من الربيع ، وكلام الجاهل إذا قال : خ خ شفى الطبيب المريض ، رائيا شفاء المريض من
الطبيب ، حيث عدّا منهما حقيقتين مع كونهما غير مفيدين لما في العقل من الحكم
فيهما.
ومن أراد
تصحيحه ذاهبا فيه إلى أن يعني عقل المتكلم ، استتبع هنات ، ومن حق هذا المجاز
الحكمي أن يكون فيه للمسند إليه المذكور نوع تعلق وشبه بالمسند إليه المتروك ،
فإنه لا يرتكب إلّا لذلك ، مثل ما يرى للربيع في خ خ أنبت الربيع البقل ، من نوع
شبه بالفاعل المختار من : دوران الإنبات معه وجودا وعدما ، نظرا إلى عدم الإنبات
بدونه وقت الشتاء ، ووجوده مع مجيئه : دوران الفعل مع اختيار القادر وجودا وعدما.
ومثل ما ترى
أيضا للدواء في : خ خ شفى الدواء المريض من : دوران الشفاء مع تناوله وجودا وعدما
، وما ترى للخليفة في : خ خ كسا الخليفة البيت ، من : دوران كسوة البيت مع أمره
وجودا وعدما. فإن لم يكن هذا الشبه بين المذكور والمتروك ، كما لو قلت : خ خ أنبت [الربيع][١] البقل ، وخ خ شفى [الدواء][٢] المريض ، نسبت إلى ما تكره. ولما تسمع من علماء هذا
الفن كثيرا في المجاز العقلي أنه : يكون مجازا في الإثبات ، ربما أوهم اختصاصه
بالخبر فلا تخصصه به ، وقل في مثل ما إذا قلنا : إني بعد ما اقتنعت باليسير من
الدنيا ، وطبت نفسا عن زخارفها ، ومحوت وساوس الفضول عن دفتر الخاطر ، وليس يهمني
الآن غير التلافي لما فرط ، فليفعل الدهر ما شاء ، وليختلف الأصول اختلافها ،
فلينبت الربيع ما أحب ، وليثمر الأشجار أيّا اشتهت ، ولينضج الخريف ما أدرك ـ