نام کتاب : مفتاح العلوم نویسنده : السّكّاكي جلد : 1 صفحه : 429
الباب الرابع
في النهي
للنهي حرف واحد
وهو (لا) الجازم في قولك : لا تفعل ؛ والنهي محذو به حذو الأمر في أن أصل استعمال
: لا تفعل ، أن يكون على سبيل الاستعلاء بالشرط المذكور ، فإن صادف ذلك ، أفاد
الوجوب ، وإلا أفاد طلب الترك فحسب ، ثم إن استعمل على سبيل التضرع ، كقول المبتهل
إلى الله : لا تكلني إلى نفسي ، سمي دعاء ، وإن استعمل في حق المساوي الرتبة لا
على سبيل الاستعلاء ، سمي : التماسا ، وإن استعمل في حق المستأذن ، سمي : إباحة ،
وإن استعمل في مقام تسخط الترك ، سمي : تهديدا.
والأمر والنهي
حقهما الفور ، والتراخي يوقف على قرائن الأحوال ؛ لكونهما للطلب ، ولكون الطلب في
استدعاء تعجيل المطلوب أظهر منه في عدم الاستدعاء له عند الإنصاف ، والنظر إلى حال
المطلوب بأخويهما وهما : الاستفهام والنداء منبه على ذلك صالح ، ومما ينبه على ذلك
تبادر الفهم ، إذا أمر المولى عبده بالقيام ، ثم أمره قبل أن يقوم ، بأن يضطجع
وينام حتى المساء إلى أن المولى غير الأمر ، دون تقدير الجمع بينهما في الأمر ،
وإرادة التراخي للقيام ، وكذا استحسان العقلاء عند أمر المولى عبده بالقيام أو
القعود ، أو عند نهيه إياه ، إذا لم يتبادر إلى ذلك ذمه.
وأما الكلام في
أن الأمر أصل في المرة أم في الاستمرار ، وأن النهي أصل في الاستمرار أم في المرة
، كما هو مذهب البعض ، فالوجه هو أن ينظر ، إن كان الطلب بهما راجعا إلى قطع
الواقع ، كقولك في الأمر للساكن : تحرك ، وفي النهي للمتحرك : لا تتحرك ، فالأشبه
المرة ، وإن كان الطلب بهما راجعا إلى اتصال الواقع ، كقولك في الأمر للمتحرك :
تحرك ، ولا تظنن هذا طلبا للحاصل ، فإن الطلب حال وقوعه يتوجه إلى الاستقبال ، كما
نبهت عليه في صدر القانون ، ولا وجود في الاستقبال قبل صيرورته حالا ، وقولك في
النهي للمتحرك : لا تسكن ، فالأشبه الاستمرار.
واعلم أن هذه
الأبواب الأربعة : التمني والاستفهام والأمر والنهي تشترك في الإعانة على تقدير
الشرط بعدها ، كقولك في التمني : ليت لي مالا أنفقه ، على معنى : إن أرزقه أنفقه ،
وقولك في الاستفهام : أين بيتك أزرك؟ على معنى أن تعرفنيه ، أو إن أعرفه
نام کتاب : مفتاح العلوم نویسنده : السّكّاكي جلد : 1 صفحه : 429