نام کتاب : مفتاح العلوم نویسنده : السّكّاكي جلد : 1 صفحه : 416
تنقش في ذهنك ثم تطلب أن يحصل له في الخارج مطابق ، فنقش الذهن في الأول
تابع ، وفي الثاني متبوع.
وتوفية هذه
المعاني حقها تستدعي مجالا غير مجالنا هذا ، فلنكتف بالإشارة إليها ، ومجرد
التنبيه عليها ، وإذ قد عثرت على ما رفع لك ، فبالحري أن نبين كيف يتفرع عن هذه
الأبواب الخمسة : التمني والاستفهام والأمر والنهي والنداء ما يتفرع على سبيل
الجملة ، إذ لا بد منه. ثم الفصول الآتية في علم البيان ، لتلاوتها عليك ، ما
تترقب من التفصيل ، هنالك ضمناه.
فنقول : متى
امتنع إجراء هذه الأبواب على الأصل ، تولد منها ما ناسب المقام ، كما إذا قلت لمن
همك همه : ليتك تحدثني ، امتنع إجراء التمني ، والحال ما ذكر على أصله ، فتطلب
الحديث من صاحبك غير مطموع في حصوله ، وولد بمعونة قرينة الحال معنى السؤال ، أو
كما إذا قلت : هل لي من شفيع ، في مقام لا يسع إمكان التصديق بوجود الشفيع ، امتنع
إجراء الاستفهام على أصله ، وولد بمعونة قرائن الأحوال معنى التمني ، وكذا إذا قلت
: لو يأتيني زيد فيحدثني ، بالنصب ، طالبا لحصول الوقوع فيما يفيد" لو"
من تقدير غير الواقع واقعا ، ولد التمني وسبب توليد لعل معنى التمني في قولهم :
لعلي سأحج فأزورك ، بالنصب هو بعد المرجو عن الحصول ، أو كما إذا قلت لمن تراه لا
ينزل : ألا تنزل فتصيب خيرا ، امتنع أن يكون المطلوب بالاستفهام التصديق بحال نزول
صاحبك لكونه حاصلا ، ويوجه بمعونة قرينة الحال إلى نحو : ألا تحب النزول مع محبتنا
إياه ، وولد معنى العرض ، كما إذا قلت لمن تراه يؤذي الأب : أتفعل هذا؟ امتنع توجه
الاستفهام إلى فعل الأذى ، لعلمك بحاله ، وتوجه إلى ما لا تعلم ، مما يلابسه ، من
نحو : أتستحسن؟. وولد الإنكار والزجر ، أو كما إذا قلت لمن يهجو أباه ، مع حكمك
بأن هجو الأب ليس شيئا غير هجو النفس : هل تهجو إلا نفسك؟ أو غير نفسك؟ امتنع منك
إجراء الاستفهام على ظاهره ، لاستدعائه أن يكون الهجو احتمل عندك توجها إلى غيره ،
وتولد منه بمعونة القرينة ، الإنكار والتوبيخ ، أو كما إذا قلت لمن يسيء الأدب : ألم
أؤدب فلانا؟ امتنع أن تطلب العلم بتأديبك فلانا ، وهو حاصل ، وتولد منه الوعيد
والزجر ، أو كما إذا قلت لمن بعثت إلى مهم وأنت تراه عندك : أما ذهبت بعد؟ امتنع
الذهاب عن توجه الاستفهام إليه ، لكونه معلوم الحال ، واستدعى شيئا مجهول
نام کتاب : مفتاح العلوم نویسنده : السّكّاكي جلد : 1 صفحه : 416