نام کتاب : مفتاح العلوم نویسنده : السّكّاكي جلد : 1 صفحه : 359
به ، لكونه مفسرا ، إذ تقديره وإياي ارهبوا ، فارهبوني ، على ما سبق التعرض
لهذا القبيل في علم النحو.
وأما نحو قوله
: (أَوَكُلَّما عاهَدُوا)[١] فساغ لتقدم حرف الاستفهام ، المستدعي فعلا مدلولا على
معناه بقرائن مساق الكلام وهو : أكفروا بآيات الله وكلما عاهدوا ، وحصل لك أيضا أن
الأنواع الأربعة من الصنف الثاني ليس واحد منها موضعا للعطف بالواو ، إما لفوات
شرط العطف حكما ، كما في البدل ، لنزول قولك : سلب زيد ثوبه ، إذا عطفت فيه منزلة
سلب وثوبه حكما ، وإما لفوات شرط معناه ، كما في الوصف والبيان والتأكيد ، إنما
موضعه النوع الخامس.
وأما نحو قوله
عز اسمه : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ
قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ)[٢] فالوجه عندي هو أن (" وَلَها كِتابٌ
مَعْلُومٌ"). حال لقرية ، لكونها في حكم الموصوفة ، نازلة منزلة : وما
أهلكنا قرية من القرى ، لا وصف ، وحمله على الوصف سهو لا خطأ ، ولا عيب في السهو
للإنسان ، والسهو ما يتنبه صاحبه بأدنى تنبيه ، والخطأ ما لا يتنبه صاحبه أو يتنبه
لكن بعد إتعاب ، وسيزداد ما ذكرت وضوحا في آخر هذا الفصل في الكلام في الحال. ثم
إذا أتقنت أيضا أن كل واحد من وجوه الإعراب دال على معنى ، كما تشهد لذلك قوانين
علم النحو ، حصل لك فائدة الواو ، وهي مشاركة المعطوف والمعطوف عليه في ذلك المعنى
، فيكون عندك من الأصول الثلاثة أصلان : معرفة موضعه ، ومعرفة فائدته.
وإذا عرفت أن
شرط كون العطف بالواو مقبولا ، هو أن يكون بين المعطوف والمعطوف عليه جهة جامعة ،
مثل ما ترى في نحو : الشمس والقمر ، والسماء والأرض ، والجن والإنس ، كل ذلك محدث
، وسنفصل الكلام في هذه الجملة بخلافه في نحو : الشمس ومرارة الأرنب ، وسورة
الإخلاص والرّجل اليسرى من الضفدع ، ودين