نام کتاب : مفتاح العلوم نویسنده : السّكّاكي جلد : 1 صفحه : 23
(٣) إن مما يدل
على أن مباحث هذه العلوم ليست متمايزة ، أن بعض المؤلفين أدخل المجاز العقلي في
علم البيان ، بينا غيرهم أدخله في المعاني ، كذلك نجد جماعة أدخلوا التذييل
والاحتراس والاعتراض والحشو في البديع ، وأدمجه غيرهم في المعاني وجعلوه أقساما
للإطناب ـ فلو كان هناك حدود واضحة تميز قسما من قسم لما جاء مثل هذا الاختلاط
والارتباك في تفريع هذه المسائل ووضعها في المواضع المناسبة لها [١].
(٤) إن الذي
ينبغي أن يعول عليه في التقسيم شيء آخر هو ما أفصح عنه عبد القاهر في"
الدلائل" ؛ إذ قال في الصفحة التاسعة والعشرين بعد الثلثمائة : اعلم أن
الكلام الفصيح ينقسم إلى قسمين : قسم تعزى المزية والحسن فيه إلى اللفظ ، وقسم
يعزى ذلك فيه الى النظم ؛ فالقسم الأول الكناية والاستعارة والتمثيل الكائن على حد
الاستعارة ، وكل ما كان فيه على الجملة مجاز واتساع وعدول باللفظ عن الظاهر ، فما
من ضرب من هذه الضروب إلا وهو إذا وقع على الصواب ، وعلى ما ينبغي ، أوجب الفضل
والمزية ، فإذا قلت : هو كثير رماد القدر ، كان له موقع وحظ من القبول لا يكون إذا
قلت : هو كثير القرى والضيافة ، وكذلك إذا قلت : رأيت أسدا كان له مزية لا تكون إذ
قلت رأيت رجلا يشبه الأسد ويساويه في الشجاعة ، وكذلك إذا قلت : أراك تقدم رجلا
وتؤخر أخرى كان له موقع لا يكون إذا قلت : أراك تتردد في الذي دعوتك إليه ، كمن
يقول : أخرج أو لا أخرج ، فيقدم رجلا ويؤخر أخرى.
وقال في الصفحة
السادسة والأربعين بعد الثلثمائة مثل ذلك ، وقال في الصفحة الثانية بعد المائتين :
الكلام على ضربين : ضرب أنت تصل منه إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده ، وذلك إذا قصدت
أن تخبر عن زيد مثلا بالخروج على الحقيقة فقلت : خرج زيد ، وضرب آخر لا تصل منه
إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده ، ولكن يدلك اللفظ على معناه الذي يقتضيه موضوعه في
اللغة ، ثم تجد لذلك المعنى دلالة ثانية تصل بها إلى الغرض ، ومدار هذا الأمر على
الكناية والاستعارة والتمثيل ، وقد مضت الأمثلة فيها مشروحة مستقصاة. وقال في
الصفحة الثامنة والسبعين : وجملة الأمر أن هاهنا كلاما حسنه للفظ دون النظم ، وآخر
حسنه للنظم دون اللفظ ، وثالثا قرى
[١] من أوضح الشواهد
الدالة على ذلك ما صنعه البلاغيون في دراسة الالتفات ، حيث درسه بعضهم في المعاني
وبعضهم في البديع ، بل ودرسه بعضهم أيضا في علم البيان.
وانظر مبحث الالتفات عند الطيبي في
رسالتي للماجستير : الإمام الطيبي : تجديداته وجهوده البلاغيه. ط المكتبة
التجارية. مكة المكرمة ص ٢٢١.
نام کتاب : مفتاح العلوم نویسنده : السّكّاكي جلد : 1 صفحه : 23