نام کتاب : مفتاح العلوم نویسنده : السّكّاكي جلد : 1 صفحه : 15
حياته وطلبه للعلوم
بيئته : عاش
السكاكي حياته كلها ـ على الراجح ـ في إقليم خوارزم لم يتحول عنه إلى غيره ، حيث
اكتفى بتحصيل علومه في مساجد خوارزم ، متأثرا بتلك البيئة التي كانت مركزا من
المراكز العلمية آنذاك. وكان المذهب الشائع في خوارزم هو الاعتزال ، فأثر ذلك في
أغلب علمائها الذين اتخذوا من الاعتزال منهجا في الدفاع عن العقيدة في وجه
الملاحدة والزنادقة ، وإن جرهم ذلك إلى الوقوع في كثير من التأويلات العقلية
البعيدة التي أدت إلى انتقادهم وإهدار كثير من جهودهم.
وقد تخرج في
تلك البيئة جملة من الأعلام ، منهم عبد القاهر الجرجاني (٤٧١ ه) صاحب (دلائل
الإعجاز) و (أسرار البلاغة) و (الجمل) ، ورشيد الدين الوطواط (٥٧٣ ه) صاحب (دقائق
السحر) وجار الله الزمخشري (٥٣٨ ه) صاحب (الكشاف) و (أساس البلاغة) و (المفصل في
النحو) ، و (الأنموذج في النحو) وغيرها من التصانيف النافعة. وفخر الدين الرازي (٦٠٦
ه) صاحب (التفسير الكبير) ، و (نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز) ، وغيرهم كثير
ممن لا يحصون كثرة.
نشأ السكاكي في
تلك البيئة التي تخرج بها هؤلاء الأعلام ، وتأثر بالحياة الفكرية الثقافية في تلك
المدينة ، ولم ينج من التأثر بمذهب الاعتزال كأكثر علماء بلده ، فهو يعترف في علم
البيان بعقيدته الاعتزالية في بعض أمثلته حيث يقول : " قولك عند المخالف :
الله إلهنا ، ومحمد نبينا والإسلام ديننا ، والتوحيد والعدل مذهبنا ، والخلفاء
الراشدون أئمتنا ، والناصر لدين الله خليفتنا ، والدعاء له والثناء عليه وظيفتنا
...". فهو يعترف في هذا النص أن مذهبه هو التوحيد والعدل ، أي مذهب المعتزلة
، كما يكشف هذا النص عن فائدة أخرى ، وهي بيانه أنه عاش فترة خلافة الناصر لدين
الله الخليفة العباسي الذي تولى الخلافة سنة ٥٧٥ ه ، وتوفي سنة ٦٢٢ ه [١] ، وأنه في هذه الفترة كان قد صنف كتابه المفتاح ؛ مما
يرجح أنه قد ألفه بعد سنة ٦٠٠ ه ، وذلك لأن السكاكي قد أخذ العلم بعد أن مضى من
عمره ثلاثون عاما على ما تذكر المصادر في ترجمته.
طلبه للعلوم :
بدأ السكاكي حياته في صناعة المعادن ، على ما تذكر المصادر ثم تحول بعد الثلاثين
إلى طلب العلوم طلبا للحظوة عند الملوك ، ولم يزل يتقدم في أمر