والمراد
بالافتقار : كون المضمر لا تتم [١] دلالته على مسماه إلا بضميمة من مشاهدة أو ما يقوم
مقامها ؛ فأشبه بذلك الحرف ؛ لأنه لا يفهم معناه بنفسه بل بضميمة.
والمراد
بالجمود : عدم التصرف في
لفظه بوجه من الوجوه حتى ياء التصغير ، وبأن يوصف أو يوصف به كما فعل بالمبهمات [٢].
وأما
الاستغناء باختلاف صيغه لاختلاف المعاني : فالمراد به أن المتكلم إذا عبر عن نفسه خاصة فله تاء
مضمومة في الرفع وفي غيره ياء ، وإذا عبر عن المخاطب فله تاء مفتوحة في الرفع ،
وفي غيره كاف مفتوحة في التذكير ومكسورة في التأنيث ؛ فأغنى ذلك عن إعرابه ، لأن
الامتياز حاصل بدونه.
قال
الشيخ : «وهذا ليس بشيء ؛ لأنّ المعاني الّتي جيء بالإعراب
لأجلها هي الفاعليّة والمفعوليّة والإضافة ، وليست هذه الأحوال التي عرضت للمضمر
من التكلم والخطاب والغيبة تدلّ على شيء من المعاني الإعرابية ؛ فلا يصح الاستغناء
عنها بهذه الأحوال ؛ لأنّها تدلّ عليها» انتهى [٣].
وما قاله حق أن
لو كان اختلاف صيغ المضمر إنما هو للدلالة على التكلم وقسيميه ؛ لكن الدال منه على
التكلم للمرفوع منه صيغة ، وكذا للمنصوب والمجرور أيضا. وكذا الدال على الخطاب
والدال على الغيبة. والمضمر وإن انقسمت صيغه بالقسمة الأولى إلى الدلالة على
التكلم والخطاب والغيبة ، فهي منقسمة بالقسمة الثانية إلى ما هو للمرفوع وللمنصوب
والمجرور ، وقد اختلفت صيغه لاختلاف المعاني الثلاثة التي جيء بالإعراب لأجلها.
وأما قول
المصنف : وأعلاها
اختصاصا أي أعلى
الضمائر ، فقد تقدمت الإشارة إليه في أول باب المعرفة والنكرة حيث قال : ـ
[٢] المعنى أن
الضمائر لجمودها لا توصف ولا يوصف بها ، كما فعل بالمبهمات من أسماء الإشارة
والشرط والاستفهام. وهذا بخلاف ما ذهب إليه الكسائي من أن ضمير الغيبة ينعت محتجّا
بقولهم : اللهم صلّ عليه الرءوف الرّحيم. وغيره يجعله بدلا كما سبق.