كأنه قال :
جزاه رب العالمين إذ جزى ، وجعل الوعد بالجزاء جزاء. وهذا أولى من أن يعتقد في إذ
أنها بمنزلة إذا ؛ لأن صرف معنى المبهم إلى المضي لقرينة قد ثبت في كلامهم ، ولم
يثبت بقاطع وضع إذ موضع إذا.
قال ناظر الجيش
: قال
المصنف : «الإنشاء في اللغة مصدر أنشأ فلان يفعل كذا ، أي ابتدأه
، ثم عبر به عن إيقاع معنى بلفظ يقارنه في الوجود كإيقاع التزويج بزوجت ، والتطليق
بطلقت والبيع والشراء ببعت واشتريت ؛ فهذه الأفعال وما شابهها ماضية اللفظ حاضرة
المعنى بقصد الإنشاء بها ؛ فهذه قرينة تصرف الماضي إلى الحال» انتهى [٢].
وقد
علمت مما تقدم : أن الكلام هنا ليس في نقل الصيغ من معنى إلى آخر ؛ إنما هو في تغيير
زمانها مع بقائها على المعنى الذي هي موضوعة له ، وأن المصنّف ـ
[١]البيتان من الرجز
المشطور والأول منهما في معجم الشواهد (ص ٥٦٥) قائلهما أبو النجم العجلي ، وقد
رويا برواية أخرى (الأمالي الشجرية : ١ / ٤٥ ، ١٠٢).
ثمّ جزاه الله عنّا إذ جزى
جنّات عدن في العلاليّ العلا
واستشهد به ابن الشجري :
على أن الشاعر وضع إذ التي للظرف الماضي مكان إذا التي للمستقبل ؛ وذلك لتحقق
الوقوع.
والاستشهاد به هنا :
أن المضارع منصرف إلى المضي إذا عمل في ظرف ماض وهو هنا يجزيه العامل في إذا.
وانظر البيت في التذييل والتكميل (١ / ١٠٩) وفي معجم الشواهد (ص ٥٦٥).
ترجمة «أبو النجم» :
هو الفضل بن قدامة من عجل ، كان ينزل بسواد الكوفة في موضع يقال له الفرك أقطعه
إياه هشام بن عبد الملك لما مدحه بأرجوزته التي أولها : الحمد لله الوهوب المجزل.
كانت بينه وبين العجاج منافرات ، وكان
وصّافا للفرس.
انظر ترجمته في الشعر والشعراء : (٢ /
٦٠٧) والخزانة : (١ / ٤٨).