أحد موضوعيه ويتخلص له بقرائن ؛ لكن ذكره غير مناسب أيضا ؛ لأن الصيغة عند
اقتضاء الطلب بها ، خرجت عن موضوعها الأصلي وهو الخبر إلى معنى آخر وهو الطلب.
قال ناظر الجيش
: لما ذكر أن الأمر مستقبل وأنه لازم له الاستقبال ، قال : والمضارع صالح لهوللحال.
أي للاستقبال وللحال ، فبين أنه يجوز أن يراد به كل واحد من الزمانين. وهو رد على من خصه
بالاستقبال ، وعلى من خصه بالحال. واعلم أن المذاهب في المضارع ، بالنسبة إلى كونه مستقبلا أو حالا أو مشتركا بين
الزمانين ، أو حقيقة في أحدهما ، مجازا في الآخر ـ خمسة.
فمنهم
من ذهب إلى أنه مستقبل ، وأنكر أن يكون للحال وهو مذهب الزجاج [١].
واستدل
بأمرين :
أحدهما
: أن زمن الحال
لقصره لا يتسع للنطق بالفعل ؛ لأنك بقدر ما تنطق بحرف منه ، صار الزمان ماضيا.
الآخر
: أن فعل الحال
لو كان موجودا في كلامهم ، لكانت له بنية تخصه ؛ إذ لا يوجد شيء في كلامهم إلا وله
لفظ يخصه. وقد يكون له مع ذلك لفظ يشترك فيه مع غيره ، نحو : جون ؛ فإنه يقع على
الأبيض والأسود [٢] ويخص أحدهما لفظ الأبيض ، والآخر لفظ الأسود. ـ
[١]هو إبراهيم بن
السري بن سهل ، أبو إسحاق ، كانت مهنته خرط الزجاج قبل النحو وبعده. ومن هنا لقب
بالزجاج. تعلم على المبرد وكان يعطيه كل يوم أجرة تعليمه من كسبه فوق خدمته ، وظل
كذلك حتى بلغ من العلم مبلغا كبيرا ، فاستقل بنفسه وأرسله المبرد إلى أولاد بعض
الأمراء ليعلمهم. كان من أهل الدين والفضل والتقوى ، عاش نحوا من سبعين سنة حيث
توفي سنة (٣١٠ ه). مؤلفاته : إعراب القرآن ، وهو مطبوع ببيروت منسوبا إليه ، وله
أيضا : سر النحو وهو مخطوط صغير بدار الكتب المصرية ، وله : ما ينصرف وما لا ينصرف
، وهو مطبوع مشهور ، وفي معهد المخطوطات ميكروفيلم تحت عنوان : شرح شواهد الزجاج
لابن هشام. وذكر السيوطي له مؤلفات أخرى غير ذلك. انظر ترجمته في بغية الوعاة (١ /
٤١١) ، وانظر رأيه هذا في التذييل والتكميل (١ / ٨١) والهمع (١ / ٧).