وطلبا. ومنهم
من جعله ثلاثة أنواع : خبرا وطلبا وإنشاء وهو رأي المصنف وعليه قرر كلامه. ولسنا الآن بصدد تحرير
الأقوال المذكورة وتبيين الصحيح منها ؛ إذ الأمر في ذلك موكول إلى نظر غير صاحب
هذا العلم [١].
غير أنّا نمشي
مع المصنف هنا على رأيه.
أما
الطلب[٢] ، فيلزم كون زمانه مستقبلا ، وأما الخبر فيجوز كون زمانه حالا ، ومستقبلا وماضيا ، وأما الإنشاء فيلزم كون زمانه حالا.
ولكل من الطلب
والخبر صيغة واحدة مختصة به وضعا ، وأما الإنشاء فليس له صيغة مختصة به ؛ بل
يستعمل فيه الصيغة الدالة على الخبر بقرينة.
ثم
إن كلّا من صيغتي الطلب والخبر إما أن ينقل عن موضعه الأصلي ، فيراد بالطلب الخبر
وبالخبر الطلب ، وإما أن لا ينقل.
والذي
ينقل : منه ما لا
يجوز التجوز فيه بالنسبة إلى زمانه ، ومنه ما يجوز أن يتجوز فيه بالنسبة [١ / ٣٣]
إلى زمانه ، فيراد به زمان غير زمانه المقصود بالوضع بقرينة ، فإن حصل نقل صار
الحكم في زمان الصيغة المنقولة حكم ما نقلت إليه. فإذا استعملت صيغة الطلب في
الخبر ، صار الاستقبال جائزا بعد أن كان لازما.
وإذا استعملت
صيغة الخبر في الطلب ، انعكس الحكم ؛ فيصير الاستقبال لازما بعد أن كان جائزا ،
وهذا القسم لم يتعرض له المصنف هنا ؛ إذ ليس مقصوده ، وقد تعرض لشيء من ذلك في باب
التعجب ، فقال بعد ذكره صيغة أفعل وأن معناها الخبر ما نصه :
«واستفيد الخبر
من الأمر هنا وفي جواب الشرط ، كما استفيد الأمر من مثبت الخبر ، والنهي من منفيّه»
[٣]. ـ
[١] قال الخطيب
القزويني ، في كتابه الإيضاح (ص ١٠) : الكلام إما خبر أو إنشاء ؛ لأنه إما أن يكون
لنسبته خارج تطابقه أو لا تطابقه أو لا يكون لها خارج. الأول : الخبر ، والثاني :
الإنشاء ، ثم تحدث عن الخبر وما يخصه. وفي حديثه عن الإنشاء قال (ص ٧٨): «الإنشاء
ضربان : طلب وغير طلب.
والطلب يستدعي مطلوبا غير حاصل وقت
الطلب ؛ لامتناع تحصيل الحاصل. وهو المقصود بالنظر هنا.
وأنواعه كثيرة» ثم شرحها ، فظهر من ذلك
أنه جعل الإنشاء قسيما للخبر وهو المشهور.
[٢] في هامش نسخة (ب)
، كتب قارئ عن البحث الآتي هذه العبارة : مطلب نفيس.