معنى حركة العقل بين
المعلوم والمجهول. وهذه الأدوار الخمسة قد تمر على الإنسان في تفكيره وهو لا يشعر بها
، فإن الفكر يجتازها غالباً بأسرع من لمح البصر ، على أنها لا يخلو منها إنسان في أكثر
تفكيراته ، ولذا قلنا أن الإنسان مفطور على التفكير.
نعم من له قوة الحدس يستغني عن الحركتين
الأوليين ، وإنما ينتقل رأساً بحركة واحدة من المعلومات إلى المجهول. وهذا معنى (الحدس) ،
فلذلك يكون صاحب الحدس القوي أسرع تلقياً للمعارف والعلوم ، بل هو من نوع الإلهام
وأول درجاته. ولذلك أيضاً جعلوا القضايا (الحدسيات) من
أقسام البديهيات ، لأنها تحصل بحركة واحدة مفاجئة من المعلوم إلى المجهول عند مواجهة
المشكل ، من دون كسب وسعي فكري ، فلم يحتج إلى معرفة نوع المشكل ولا إلى الرجوع إلى
المعلومات عنده وفحصها وتأليفها.
ولأجل هذا قالوا : إن قضية واحدة قد تكون
بديهية عند شخص نظرية عند شخص آخر. وليس ذلك إلا لأن الأول عنده من قوة الحدس ما يستغني
به عن النظر والكسب ، أي ما يستغني به عن الحركتين الأوليين ، دون الشخص الثاني فإنه
يحتاج إلى هذه الحركات لتحصل العلوم بعد معرفة نوع المشكل.