نام کتاب : آراء أهل المدينة الفاضلة ومضاداتها نویسنده : الفارابي، أبو نصر جلد : 1 صفحه : 89
هذه الأعصاب مغارزها
التي منها يسترفد ما يحفظ به قواها في الدماغ نفسه؛ وكثيرا منها مغارزها في النخاع
النافذ ، والنخاع من أعلاه متصل بالدماغ ، فإن الدماغ يرفدها بمشاركة النخاع لها
في الارفاد [١].
ومن ذلك أن تخيل القوة المتخيلة إنما
يكون متى كانت حرارة القلب على مقدار محدود. وكذلك فكر القوة الناطقة ، إنما يكون
متى كانت حرارته على ضرب ما من التقدير ، أي فعل. وكذلك حفظها وتذكّرها للشيء.
فالدماغ أيضا يخدم القلب بأن يجعل
حرارته على الاعتدال الذي يجود به تخيله ، وعلى الاعتدال الذي يجود به فكره ورويته
، وعلى الاعتدال الذي يجود به حفظه وتذكره. فبجزء منه يعدل به ما يصلح به التخيل ،
وبجزء آخر منه يعدل به ما يصلح به الفكر ، وبجزء ثالث يعدل به ما يصلح الحفظ والذكر.
وذلك أن القلب ، لما كان ينبوع الحرارة الغريزية ، لم يمكن أن يجعل الحرارة التي
فيه الا قوية مفرطة ليفضل منه ما يفيض إلى سائر الأعضاء ، ولئلا يقصر أو يجود. فلم
تكن كذلك في نفسها إلا لغاية بقلبه. فلما كان كذلك وجب أن يعدّل حرارته التي تنفذ
إلى الأعضاء ، ولا تكون حرارته في نفسها على الاعتدال الذي تجود به أفعاله التي
تخصه. فجعل الدماغ لأجل ذلك بالطبع باردا رطبا ، حتى في الملمس ، بالاضافة إلى
سائر الأعضاء ، وجعلت فيه قوة نفسانية تصير بها حرارة القلب على اعتدال محدود
محصّل [٢].
[١] الأعصاب المنبثقة
عن الدماغ نوعان : حاسة ومحركة.
[٢] الدماغ يخدم
القلب عند ما يفكر أو يتخيل أو يتذكر ويحفظ وذلك بتعديل حرارته.
نام کتاب : آراء أهل المدينة الفاضلة ومضاداتها نویسنده : الفارابي، أبو نصر جلد : 1 صفحه : 89