نام کتاب : آراء أهل المدينة الفاضلة ومضاداتها نویسنده : الفارابي، أبو نصر جلد : 1 صفحه : 43
الأفضل ، ويحصل له
كماله الأخير. وإذ كان الأول وجوده أفضل الوجود ، فجماله فائق لجمال كل ذي الجمال
، وكذلك زينته وبهاؤه. ثم هذه كلها له في جوهره وذاته؛ وذلك في نفسه وبما يعقله من
ذاته. وأما نحن ، فإن جمالنا وزينتنا وبهاءنا هي لنا بأعراضنا ، لا بذاتنا؛ وللأشياء
الخارجة عنا ، لا في جوهرنا. والجمال فيه والكمال ليسا هما فيه سوى ذات واحدة ، وكذلك
سائرها [١].
واللذة والسرور والغبطة ، إنما ينتج ويحصل
أكثر بأن يدرك الأجمل والأبهى والأزين بالادراك الأتقن والأتم [٢]. فإذا كان هو الأجمل في النهاية والأبهى
والأزين ، فادراكه لذاته الادراك الأتقن في الغاية ، وعلمه بجوهره العلم الأفضل
على الاطلاق ، واللذة التي يلتذ بها الأول لذة لا نفهم نحن كنهها ولا ندري مقدار
عظمها الا بالقياس والاضافة إلى ما نجده من اللذة ، عند ما نكون قد أدركنا ما هو
عندنا أكمل وأبهى ادراكا ، وأتقن وأتم ، إما باحساس أو تخيل أو بعلم عقلي. فإنّا
عند هذه الحال يحصل لنا من اللذة ما نظن أنه فائق لكل لذة في العظم ، ونكون نحن
عند أنفسنا مغبوطين بما نلنا من ذلك غاية الغبطة ، وإن كانت تلك الحال منا يسيرة
البقاء سريعة الدثور. فقياس علمه هو وادراكه الأفضل من ذاته والأجمل والأبهى إلى
علمنا نحن ، وإدراكنا الأجمل والأبهى عندنا ، هو قياس سروره ولذته واغتباطه بنفسه
إلى ما ينالنا من اللذة والسرور والاغتباط بأنفسنا [٣]. وإذن كأن
[١] الجمال هو الوجود
الأفضل والكمال. الله فائق الجمال وجماله في ذاته.