نام کتاب : آراء أهل المدينة الفاضلة ومضاداتها نویسنده : الفارابي، أبو نصر جلد : 1 صفحه : 144
ملتهم ، فهم كلهم
يؤمّون سعادة واحدة بعينها ومقاصد واحدة بأعيانها [١].
وهذه الأشياء المشتركة ، إذا كانت
معلومة ببراهينها ، لم يمكن أن يكون فيها موضع عناد بقول أصلا ، لا على جهة
المغالطة ولا عند من يسوء فهمه لها. فحينئذ يكون للمعاند ، لا (حقيقة) الأمر في
نفسه ، ولكن ما فهمه هو من الباطل في الأمر. فاما إذا كانت معلومة بمثالاتها التي
تحاكيها ، فان مثالاتها قد تكون فيها مواضع للعناد ، وبعضها يكون فيه مواضع العناد
أقل ، وبعضها يكون فيها مواضع العناد أكثر ، وبعضها يكون فيه مواضع العناد أظهر ،
وبعضها يكون فيه أخفى [٢].
ولا يمتنع أن يكون في الذين عرفوا تلك
الأشياء بالمثالات المحاكية ، من يقف على مواضع العناد في تلك المثالات ويتوقف
عنده ، وهؤلاء أصناف [٣]
: صنف مسترشدون ، فما تزيّف عند أحد من هؤلاء شيء ما رفع إلى مثال آخر أقرب إلى
الحق ، لا يكون فيه ذلك العناد ، فان قنع به ترك ، وان تزيّف عنده ذلك أيضا رفع
إلى مرتبة أخرى ، فان قنع به ترك. وكلما تزيّف عنده مثال في مرتبة ما رفع فوقها ، فان
تزيّفت عنده المثالات كلّها وكانت فيه نية للوقوف على الحق عرف
[١] يعرف أهل المدينة
الفاضلة هذه المعلومات بطريقتين رئيستين هما البرهان والمحاكاة. وطريقة الحكماء
البرهانية أفضل من طريقة العامة التمثيلية.
[٢] لا عناد في
البرهان أما التمثيل فعرضة للمعاندة.