تركه أنّ المؤنة أكثر
ممّا يخرج منه. وفي هذا المتعشى حرّة يُقال لها : حرّة بني سليم [١]
، وفي حرّة بني سليم (حبس سبل) ، والحبس : جمعه أحباس ، فلوق في الحرّة تمسك الماء
لو وردت عليها اُمّة لوسعتها. وروى أبو البداح بن عاصم ، عن أبيه قال : سألنا رسول
الله (صلّى الله عليه وآله) حدثان ما قدم ، فقال : «أين حبس سبل؟». فقلنا : لا
ندري. فمرّ بنا رجل من بني سليم ، فقلت له : من أين جئت؟ قال : من حبس سبل.
فانحدرت به إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، فقلت له : زعم هذا أنّ أهله
بحبس سبل ، فقال له : «أخرج أهلك ؛ فيوشك أن يخرج منها نار تضيء أعناق الإبل منها
ببصرى» [٢].
قال الهمداني : ومن أفيعية إلى حرّة بني سليم ستة وعشرون ميلاً ، وعرض حرّة بني
سليم ثلاثة وعشرون جزءاً ونصف ، ومن هذا المعدن رحل الحسين بظعنه إلى عمق.
وعُمقٌ مرّ به وصحبُهُ
تحفّهُ كأنّهم اُسدُ الشرى
(العمق) : بوزن زفر ، موضع على الطريق. قال البكري : وهذا المنهل
هو واقع في بلاد غطفان [٣].
قال ابن بليهد : وقد أخطأ الفرّاء بقوله إنّه دون النقرة ، والفراء من أهل بغداد ،
وعلى تحديده يكون العمق شرقاً عن النقرة. وموضعه الصحيح أنّه بين النقرة ومعدن بني
سليم ، وهو في بلاد عبد الله بن غطفان معروف ، وهو في وسط أملاحها ، ولا يُعد منها
؛ لأنّ ماءه أحسن من المياه الذي حوله ، إلاّ ماء الوبرة كأنّها أعذب منه. وعمق
منهل معروف إلى هذا العهد. وقال أيضاً : اختلف علماء المعاجم في عمق ؛ فهذا الاسم
يُطلق على موضعين : أحدهما في بلاد غطفان بين أملاحها ، وماؤه عذب ، والموضع
الثاني في سواد باهلة يُقال له : عمق ، قريب منهل يُقال له : لجع ، ومنهل يُقال له
: جفر تبران. والفرق بينهما : إنّ الواقع في بلاد غطفان منصوب الميم ، والثاني
ساكنة الميم (عمق) ، وهذا معروف
[١] كل ما ذكرناه
آنفاً عن معدن بني سليم مصدره المخطوط.